ملاحظة أنّ البياض عرض و العرض لا يوجد قائماً بنفسه، نحكم بأنّه بياض وأبيض، ولولا الاتّحاد بالذات بين البياض و الأبيض لما حكم العقل بذلك في هذه المرتبة، ولم يجوّز قبل ملاحظة هذه المقدّمات، كونه أبيض، لكن الأمر بخلاف ذلك.
التقرير الثاني: إنّ المعلّم الأوّل و مترجمي كلامه عبّروا عن المقولات بالمشتقات، و مثّلوا لها بها، فعبّروا عن الكيف بالمتكيّف ومثّلوا لها بالحارّ و البارد، فلولا الاتّحاد بالذات لم يصحّ ذلك التعبير والتمثيل إلاّ بالتكلّف بأن يقال: ذكر المشتقات لتضمّنها مبادئها.[ 1 ]
ونقل عن بهمنيار تلميذ الشيخ الرئيس قال: إنّ الحرارة لوكانت قائمة بذاتها لكانت حرارة و حارة.[ 2 ]
ولا يخفى سقوط هذه الوجوه:
أمّا الأوّل: فانّا و إن كنّا نحكم عند رؤية البياض ـ قبل ملاحظة أنّه عرض وأنّ العرض لا يوجد قائماً بنفسه ـ بأنّه أبيض، لكن الملاحظة التفصيلية وإن كانت غير موجودة، لكنّها موجودة إرتكازاً لأنّ الإنسان طيلة حياته يشاهد أنّ البياض لا يوجد إلاّمع موضوعه، فهو مع هذا العلم الموجود في خزانة ذهنه إذا رأى البياض، وحمل عليه الأبيض، فإنّما حمل على البياض الذي لا يفارق الموضوع، فلا يدلّ ذاك الحمل على خروج الذات والنسبة عن مفهومه.
أمّا الثاني: فانّه لا حجّية لكلام أرسطو ومترجمي كلامه.
ومثله ما نقل عن تلميذ الشيخ الرئيس، إذ هو قضية شرطية لا تثبت بها اللغة.
[1] الأسفار:1/42. [2] نهاية الدراية:1/94، طبع طهران.