كما فسّر قوله سبحانه: (وَ لِكُلِّ قَوْم هاد) بـ«على الهادي» وقال أبوجعفر: «ومنّا الهادي قلت: فأنت جعلت فداك، الهادي قال: صدقت أنّ القرآن حيّ لا يموت، و الآية حيّة لا تموت. فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام وماتوا، ماتت الآية لمات القرآن».[ 1 ]
ويؤيد ذلك ما ورد في تفسير قوله سبحانه:(وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ)[ 2 ] سمعت عليّاً يوم الجمل يقول بعد تلاوة الآية: «إنّه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتّى اليوم».
و في رواية قال علي ـ عليه السَّلام ـ : «عذرني الله من طلحة والزبير، بايعاني طائعين، غير مكرهين، ثمّ نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته. ثمّ تلا هذه الآية».[ 3 ] وعلى ضوء ذلك فليست البطون و التأويلات معاني ثانوية مغايرة للمعنى الأوّل، بل الكلّ في صف واحد، غير أنّ بعضه جليّ وبعضه خفي، كان بعضه موجوداً في عصر النزول و تحقّق البعض الآخر بعده و بما أنّ القرآن حجّة في جميع الأجيال والقرون، ينطبق على الكلّ على نسق واحد.
***
المقدمة الثالثة عشرة:
في المشتق
اتّفقت كلمتهم على كون المشتق حقيقة في المتلبّس بالمبدأ، ومجازاً فيما يتلبّس به في المستقبل، واختلفوا فيما انقضى عنه، و قبل الخوض في المطلب نقدّم
[1] التوبة:12. [2] البرهان في تفسير القرآن:1/107. [3] محمد حسين الغروي: الفصول الغروية: 58.