نام کتاب : البدعة وآثارها الموبقة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 70
الإنسان وعلاقته بربّه ،بل أنّ الابتداع فيه من مقتضيات التطوّر الزمني الذي لا يسمح بالوقوف عند حدّ الموروث من وسائل الحياة عن الآباء والأجداد[ 1 ] .
الإسلام بين التزمّت والتحلل من القيود الشرعية
إنّ بين المسلمين من يريد حصر الأُمور السائغة بما هو موجود في عصر الرسول الأكرم ، لذا يعد نَخْل الدقيق بدعة ، بحجة أنّه لم يكن في عصره_ صلى الله عليه وآله وسلم _ أيّ منخل[ 2 ] . وبين من يريد التحلّل من كلّ قيد ديني في مجال العمل ، فلا
يلتزم في حياته بشيء مما جاء به الإسلام .
فالإسلام لا هذا ولا ذاك ، فهو يرفض التزمّت إذا كان العمل غير خارج عن الأُطر العامة الواردة في الكتاب والسنّة ، كما يرفض التحلّل من كلّ قيد . فآفة الدين ليست منحصرة بالثاني بل آفة الأوّل ليست بأقل منه .
فانّ حصر الجائز من الأُمور العادية بما كان رائجاً في عصر النبيّ أو عصر الصحابة كبت للعقول ، وتقييد للحركة الحضارية عن التقدّم نحو الكمال . وإظهار الإسلام بأنّه غير قابل للتطبيق في جميع الأعصار المتقدّمة فضلا عن عصر الذرّة . علماً أنّ من الأسباب التي أوجبت خلود الدين الإسلامي ، وأعطته الصلاحية للبقاء مع اختلاف الظروف وتعاقب الأجيال كونه ديناً جامعاً بين الدعوة إلى المادة والدعوة إلى الروح ، وديناً وسطاً بين المادية البحتة والروحية المحضة ، فقد آلف بتعاليمه القيّمة بينهما ، مؤالفة تفي بحقّ كلّ منهما ، بحيث يتيح للإنسان أن يأخذ قسطه من كلّ منهما بقدر ما تقتضيه المصلحة .
وذلك أنّ المسيحية غالت في التوجه إلى الناحية الروحية ، حتى كادت أن