فإذا كان المفروض أنّ رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لم يسنّ الجماعة فيها ، وانّما سنّها عمر ، فهل هذا يكفي في كونها مشروعة؟! مع أنّه ليس لإنسان حتّى الرسول حقّ التسنين والتشريع ، وإنّما هو _ صلى الله عليه وآله وسلم _ مبلّغ عن الله سبحانه .
إنّ الوحي يحمل التشريع إلى النبيّ الأكرم وهو _ صلى الله عليه وآله وسلم _ الموحَى إليه ،
وبموته انقطع الوحي ، وسدّ باب التشريع والتسنين ، فليس للأُمّة إلاّ الاجتهاد في ضوء الكتاب والسنّة ، لا التشريع ولا التسنين ، ومن رأى انّ لغير الله سبحانه حقّ التسنين فمعنى ذلك عدم انقطاع الوحي .
قال ابن الأثير في نهايته : ومن هذا النوع قول عمر ـ رضى الله عنه ـ : «نعم البدعة هذه (التراويح) لمّا كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سمّـاها بدعة ومدحها ، إلاّ أنّ النبيّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لم يسنّها لهم ، وإنّما صلاّها ليالي ثمّ تركها ، ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنّما عمر ـ رضى الله عنه ـ جمع الناس عليها ، وندبهم إليها ، فبهذا سمّـاها بدعة ، وهي في الحقيقة سنّة ، لقوله_ صلى الله عليه وآله وسلم _ : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاءالراشدين من بعدي»، وقوله: «اقتدواباللّذين من بعدي أبي بكر وعمر»[ 2 ].
التشريع مختصّ بالله سبحانه
إنّ هؤلاء الأكابر مع اعترافهم بأنّ النبيّ لم يسنّ الاجتماع ، برّروا إقامتها جماعة بعمل الخليفة ، ومعنى ذلك أنّ له حقّ التسنين والتشريع ، وهذا يضادّ إجماع الأُمّة; إذ لا حقَّ لإنسان أن يتدخّل في أمر الشريعة بعد إكمالها لقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ )[[/sapn]]
[1] روضة المناظر عنه النص والاجتهاد : 214 ط . مؤسّسة البعثة طهران . [2] النهاية 1 : 79 .
نام کتاب : البدعة وآثارها الموبقة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 150