(زُلْفى إنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ في ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّار)[ 1 ].
أقول: جعل الأنبياء والأولياء وسائط بين الناس وبين الله على قسمين:
1. يُعتقد بأنّهم عباد الله الصالحين يستجاب دعاءهم، فهذا عين التوحيد، فهذا عمر بن الخطاب استسقى بالعباس عام الرمادة، لمّا اشتد القحط، فسقاهم الله تعالى به وأخصبت الأرض، فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه، ولمّا سُقي الناس طفقوا يتمسّحون بالعباس ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين.[ 2 ]
فهذا النوع من العمل عين التوحيد، فلو طلب المؤمن نفس هذا الدعاء من أحد الأولياء بعد رحيله يمتنع أن يكون شركاً، لأنّ عملاً واحداً لا يمكن أن يكون على غرار التوحيد في حياة المتوسل به، وشركاً في مماته، وآخر ما يمكن أن يقال: إنّ الميت لا يسمع فيكون التوسّل لغواً لا تركاً، وسيوافيك أنّ الشهداء ونبيهم أحياء يسمعون كلامنا.
2. أن يتخذه إلهاً مؤثراً في مصير الداعي، بيده النصر والعز والمغفرة إلى غير ذلك من أفعاله سبحانه، ثمّ يعبده ليتقرب بعبادته، ثم يجعله كواسطة للتقرب إلى الله تعالى، وهذا هو الّذي تهدف إليه الآية بشهادة أنّه سبحانه يقول: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلياءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)،[ 3 ]