نام کتاب : المبسوط في أُصول الفقه نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 91
دراسة القول الثالث
إنّ المحقّق الخراساني قسّم الأحكام الوضعية إلى أقسام ثلاثة، ونحن ندرس كلّ قسم منها على حدة.
القسم الأوّل: ما لا تناله يد الجعل لا تبعاً ولا استقلالاً
يقول: إنّ السببية والشرطية والمانعية والرافعية لما هو سبب التكليف وشرطه أو مانعه أو رافعه، لا تقبل الجعل أصالة ولا تبعاً، وقد استدلّ على مرامه بدليلين:
الأوّل: إنّ هذه المفاهيم السببية والشرطية والمانعية والرافعية لا يكاد يعقل انتزاعها لذات السبب والشرط والمانع والرافع، من التكليف المتأخّر عنها ذاتاً، حدوثاً وارتفاعاً.[1]
توضيحه: أنّ النار سبب للإحراق والسبب بما أنّه علّة متقدّم على المعلول، وبما أنّ السببية داخلة في ذات السبب غير منفكّة عنه، فيمتنع انتزاعها عن الأمر المتأخّر ـ أعني: الإحراق (المعلول) ـ ونظيره المقام، فالسببية داخلة في حقيقة الدلوك، فتكون متقدّمة على المعلول ـ أعني: وجوب الصلاة ـ فيمتنع انتزاعها عن التكليف المتأخّر.
يلاحظ عليه أوّلاً: أنّ هذا الدليل يفي لإثبات امتناع وضعها تبعاً لا استقلالاً، إذ في الجعل الاستقلالي لا حاجة للحاظ التكليف المتأخّر.