responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمامة الإلهية نویسنده : السند، الشيخ محمد    جلد : 5  صفحه : 143

النبي صلى الله عليه و آله لأجل التوجه به إلى اللَّه ورسوله صلى الله عليه و آله.

فالقران والاقتران بين الكعبة ومولد علي عليه السلام في التقدير والقضاء الإلهي تشعير منه تعالى لشعيرة الوسيلة، وأن النبي وأهل بيته عليهم السلام هم وجه اللَّه الذي يتوجه به إليه تعالى، لاسيما مع ما لابس ذلك الحدث من انشقاق الجدار لفاطمة بنت أسد، ومكثها ثلاثة أيام، ومحاولة أبي طالب وقريش فتح باب الكعبة فلم ينفتح، فعلموا أن ذلك بتدبير من اللَّه، وغيرها من الإرهاصات كتسمية المولود، واللوح النازل من السماء والذي علق في الكعبة وكان فيه اسم علي عليه السلام [1].

وغير ذلك مما أبان عن كون هذا الحدث آية ربانية خص بها الباري علي ابن أبي طالب عليه السلام، للتدليل على اصطفائه، وأنه الباب الذي منه يقصد إلى اللَّه ورسوله صلى الله عليه و آله.

ومن ثم عبر المحدث المتتبع نادرة زمانه الميرزا النوري بقوله: «لا يبعد القول بأن ولادة علي في الكعبة من ضروريات المذهب» تدليلا على كونها أمرا عقديا وليس مجرد حدثا تاريخيا [2].


[1] ينابيع المودة ج 2 ص 306، كفاية الطالب للحافظ الكنجي ص 406، مناقب آل أبي طالب ابن شهر آشوب ج 2 ص 23.

[2] سر ولادة علي عليه السلام في الكعبة:

تحتل منقبة ولادة علي عليه السلام في الكعبة مكانة في غاية الأهمية في خانة مقامامته ومناقبه، مما حدا بالعلامة النوري عليه الرحمة الى القول: (لا يبعد القول إنها من ضروريات مذهب الإمامية).

وقد ذكر الأعلام أسراراً عديدة، ودلالات قيمة لتلك المنقبة، ونشيرها هنا الى سر من أسرارهامرتبط ببحث التوسل، وبيانه أن تلك الولادة والخصوصيات المرافقة لها تشير الى أن التوحيد في باطن الاعتقاد بالولاية، وأنه لا توحيد إلا بالولاية.

فالتوجه والقصد الحقيقي للَّهتالى لا يحصل ولا يتم إلا بالقصد إلى آيته وبابه الأعظم، بمعنى أن قوام صحة العبادة تمام صورتها الشرعية لا تتحقق مالم يتوجه المصلي الى الكعبة والآية المولودة فيها.

وبعبارة أوضح إن العبادة تتقوم بتوجه المصلي الى الكعبة بوجهه الظاهري، والى علي عليه السلام بوجهه القلبي الباطني، ليكونا وسيلة وباباً الى اللَّه تعالى.

ومحال أن تتكامل حقيقة العبادة مالم يتوسل به عليه السلام مقروناً بكل عبادة دينية، فما لم ينضم التوسل والقصد إليه عليه السلام لا تحصل الزلفى والقربى المرجوة من أداء العبادة، ولعل هذا سرّ من أسرار ما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في قوله: (علي صلاة المؤمنين وصومهم).

فكما أن غاية الصلاة خلف مقام إبراهيم عليه السلام هو استحضار مقامات إبراهيم، والتوسل به في القصد الى اللَّه، كذلك التوجه الى الكعبة استحضار لمقامات علي عليه السلام المولود في جوفها، والتقرب بوسيليته الى اللَّه تعالى.

وكما أنه صح كون مقام إبراهيم عليه السلام قبلة للمصلي في أداء ركعتي الطواف ال يالكعبة، فإن التوجه الى الكعبة قبلة للتوجه لسيد الأنبياء صلى الله عليه و آله وسيد الأوصياء عليه السلام، وكيف يقبل أن يكون الحجر قبلة للَّه، ولا يقبل أن يكون سيد الأولياء وآدم الأوصياء عليه السلام قبلة للَّهتعالى!!

وعلى ضوء ما مر يفهم أن القبلة التي يتوجه بها الى اللَّه قبلتان: الأولى ظاهرية وهي الكعبة، والثانية باطنية وهي الاعتقاد بولايتهم والتوجه بهم والتوسل بمقامهم حال أداءالعبادة لكي تكون مشروعة وصحيحة.

وقد تعرضت هذه المنقبة العظيمة كالعادة للتمييع والتبسيط والتصغير، فادعى الحاكم النيسابوري أن حكيم ابن حزام هو أول من ولد عند الكعبة المشرفة سابقاً ولادة علي عليه السلام فيها، ومشاركاً له في هذه المنقبة.

والرد على ذلك في نقاط عديدة:

النقطة الأولى: ما نقله الحاكم النيسابوري مخالف للشهرة التاريخية التي أطبق عليها علماء الفريقين، وقد نقل العديد من الأعلام نصوصاً تاريخية مؤكدة لتلك الشهرة.

النقطة الثانية: على فرض صحة ما نقله الحاكم فإن المقايسة بين الولادتين قياس مع الفارق؛ لأن مدعى الحاكم ولادة حكيم ابن حزام عند الكعبة أيبقربها وعلى أحد جوانبها، وأما ما قامت عليه الشهرة التاريخية بين الفريقين في ولادة علي عليه السلام فهو تحققها في جوف الكعبة المشرفة وفي بطنها وليس على أحد جوانبها.

النقطة الثالثة: كانت ولادة حكيم بن حزام المدعاة محض الصدفة وقضاء الاتفاق، بمعنى أن أمه كانت تطوف بالكعبة فاتفق أن سقط منها وليدها عند أحد جوانب الكعبة كما يتفق أن تضع البقرة وليدها في الطريق، وأما وضع فاطمة بنت أسد مولودها المبارك في جوف الكعبة المعظمة فكانت جامعة ومترادفقة مع كل مكرمة وفضيلة، مما يشهد على وجود تخطيط إلهي وتدبير رباني ورعاية وعناية مقصودة، فإنها لما بدا عليها آثار الوضع أخذ بها أبو طالب الى الكعبة، فالتجأت الى الكعبة من ألم الوضع، وهتف بها هاتف بالدخول الى جوف الكعبة، وانفتح لها الباب أو انشق الجدار ثم عاد الى الانضمام، وحول من في الكعبة أن يفتحوا الباب فلم يتمكنوا، وبقيت فاطمة بنت أسد في جوف الكعبة ثلاثة أيام في ضيافة اللَّه تعالى كرامة لوليدها دون أكل أو شرب، فكل ذلك وأكثر يدل على الكرامات والفضائل الإلهية التي أحاطت بولادة علي عليه السلام مما لا يتعقل معها أيقياس أو مقارنة بأي ولادة.

النقطة الرابعة: لو صح ولادة حكيم بن حزام عند الكعبة فإن أقصى ما يدل عليه ذلك تشرفه بالوضع بجوارها المبارك، وأما الذي حصل بولادة علي عليه السلام في جوف الكعبة فهو تشرف الكعبة وتألقها وتعاظمها بولادته المباركة، وهل يصح القياس بين ولادة من تشرف بالكعبة وبين من شرفت ولادته الكعبة.

وليس ببعيد القول كما أن حجر المقام ماس جسد إبراهيم عليه السلام، واتصل به فصار مقاماً مشرفاً وقبلة للعبادة يتوجه بها الى اللَّه تعالى، فكذلك الكعبة إنما صارت مثوبة لأهل الإيمان وكعبة للعبادات والنسك لتشرفها بمماسة جسد علي عليه السلام حال ولادته وظهوره الشريف للحياة الدنيا.

نام کتاب : الإمامة الإلهية نویسنده : السند، الشيخ محمد    جلد : 5  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست