مما ذكرنا في الأمر الأول يتضح أن مثل هذا المقام لا يكون بيد الانسان بل للَّهعز وجل يجعله حيث يشاء، أما إذا اقتصرنا في محل النزاع على الزعامة الدنيوية فواضح أن ما يطرحه العامة من جعله بيد الناس وباختيارهم يكون أوهم إلى العقول وأميل إلى النفوس، وكأنه اشبه بلغة العصر، لنفرة الإنسان من تسلط فئة معينة على إرادته وتقييدها في إدارة شئون مجتمعه، فطرح محل النزاع بتلك الصورة يخدم العامة، أما على ما ذكرناه من حقيقة الإمامة يتضح السبب في ايكال ذلك الأمر إلى اللَّه عز وجل، وما إن يجعل الحق تعالى إماما فلا معنى للجوء إلى طرق أخرى لتعيين من له الزعامة الدنيوية بل يكون هو المتعين، وبتعبير آخر أن من تثبت فيه الكمالات الروحانية العالية ومن يتصل بالغيب لا يمكن أن يلجأ الناس إلى غيره لإدارة شئونهم، وبهذا ترى أن مركز الزعامة الدنيوية متفرع على ذلك المقام وتابع، كما رأينا في حياة الرسول صلى الله عليه و آله فإنه بعد ثبوت نبوته وإيمان الناس به لم ينازع أحد في حاكميته، والخلاصة أنه يمكننا القول أن مقام الزعامة الدنيوية هو أدنى مراتب الإمامة ومقاماتها.
رابعاً: الإعتبار والتكوين
إن وظيفة النص في تعيين الإمام لا تنحصر في الجعل والاعتبار والإنشاء كما يقوم أي حاكم في تعيين حاكم آخر، بل إن النص سوف يكون كاشفا عن الإرادة التكوينية والجعل الإلهي.
ومن هنا يتضح أن نصب الرسول أو الإمام السابق للإمام اللاحق لا يقوم به من