وهذه الآيات تستنطق فطرة كلّ إنسان وتنبّهها على أنّهناك أُصولاً مسلّمة عند جميع أصحاب الفطرة و العقول، وهي حسنُ بعضِ الاَشياء وقُبح البعض الآخر، وإنّ القرآن يعتمد في محاوراته عليها.
وأمّا السنّة: فيكفي في ذلك قول الاِمام الطاهر موسى بن جعفر عليمها السَّلام لتلميذه هشام بن الحكم في حديث مفصّل: يا هشام، إنّ للّه على الناس حجّتين، حجّة ظاهرة وحجّة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرسل والاَنبياء والاَئمّة، وأمّا الباطنة فالعقول».[1]
وهذا الحديث وغيره يعرب عن موقف الاِسلام السامي من الاَحكام التي يستقلّ بها العقل شريطة أن يتجرّد عن الاَفكار المسبقة، ويحكم حكماً باتّاً عقلانيّاً محضاً غير منبعث عن هذا الجانب، ويحترز عن بعض الاَساليب التي منع الشارع من إعمالها عند استنباطالحكم الشرعي كالاَقيسة والاستحسانات وغير ذلك من الظنون المحظورة الممنوعة، وعند ذلك يتلخّص دور العقل في مجال الاستنباط في الموارد التالية: 1. قبح العقاب بلا بيان، فتكون النتيجة الشرعيّة عدم لزوم الاحتياط. 2. الاشتغال اليقيني يستلزم البراءة اليقينيّة، فتكون الوظيفة في مجال العلم الاِجمالي هو الاحتياط. 3. الملازمات التي يدركها العقل في عدّة موارد لو قلنا بها، كالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته أو حرمة ضدّه إلى غير ذلك ممّا للعقل إليه سبيل.
وثانياً: إنّ ما ذهب إليه الاستر آبادي من إفاضة الحجّيّة على الحسّ، وإقصاء العقل عن مجال النظر هو نفس ما ذهب إليه الحسّيّون من الاَوربيّين،