نام کتاب : تاريخ الفقه الإسلامي وأدواره نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 202
يرثه، ولو كان يسوق الدابة أو يقودها، فوطئت الدابة أباه أو أخاه فمات، ورثه
وكانت الدية على عاقلته لغيره من الورثة، ولم تلزمه الكفارة.
ولو انّه حفر بئراً في غير حقّه أو أخرج كنيفاً أو ظلّة، فأصاب شيء منها
وارثاً له فقتله لم تلزمه الكفارة، وكانت الدية على العاقلة وورثه، لاَنّ هذا ليس
بقاتل، ألا ترى أنّه لو كان فعل ذلك في حقّه لم يكن بقاتل ولا وجب في ذلك
دية ولا كفارة، فإخراجه ذلك الشيء في غير حقّه ليس هو بقتل، لاَنّ ذلك بعينه
يكون في حقّه فلا يكون قتلاً، و إنّما أُلزم الدية في ذلك إذا كان في غير حقّه
احتياطاً للدماء، ولئلاّ يبطل دم امرىَ مسلم، وكيلا يتعدّى الناس حقوقهم إلى ما
لا حقّ لهم فيه، وكذلك الصبي و المجنون لو قتلا لورثا، وكانت الدية على
العاقلة، والقاتل يحجب وإن لم يرث.
قال: ولا يرث القاتل من المال شيئاً؛ لاَنّه إن قتل عمداً، فقد أجمعوا انّه لا
يرث؛ وإن قتل خطاءً، فكيف يرث وهو تُوَخذ منه الدية؟ وإنّما منع القاتل من
الميراث احتياطاً لدماء المسلمين، كيلا يقتل أهل الميراث بعضهم بعضاً طمعاً
في المواريث. [1]
هذه نماذج من فقهاء أصحاب الاَئمّة - عليهم السلام - ، ونماذج من فتاواهم،
وكم لهم من نظير كجميل بن درّاج وابن أبي عمير، اللّذين نقلت فتاواهم في
ثنايا الاَحاديث المروية في الكتب الاَربعة ورجال الكشي.
إنّ اجتهاد هوَلاء كان يدور حول استخراج الفروع من النصوص والاَُصول
الكلّية بعد تخصيص العام بخاصّه، والمطلق بمقيّده، وتمييز الصحيح عن السقيم
دون أن يتجاوزوا تلك القواعد والنصوص الكلية، وأمّا الاجتهاد في الدور الثاني