أمّا بعد؛ فقد بعثت إليكم عبداً من عباد اللّه لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الاَعداء ساعات الروع، أشدّ على الفجّار من حريق النار، وهو: مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق فانّه سيف من سيوف اللّه، لا كليل الظبة، ولا نابي الضريبة ... إلى أن قال - عليه السّلام- : وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم، وشدة شكيمته على عدوّكم.
وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في «الثقات».
توفّـي الاَشتر سنة تسع وثلاثين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين متوجهاً إلى مصر والياً عليها للاِمام علي - عليه السّلام- ، واختلف الموَرخون في موته، فقيل: مات حتف أنفه فجأة، وقيل: مات مسموماً وهو المشهور .
قيل: إنّ معاوية دس إليه سمّـاً على يد مولى له، ويقال مولى عثمان، وقال آخرون: إنّ معاوية كتب إلى عامل الخراج بالقلزم أن يسمّه.
ولما بلغ معاوية موته قام خطيباً، فقال: أمّا بعد، فانّه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفّين ـ وهو عمار بن ياسر ـ وقطعت الاَُخرى اليوم ـ وهو مالك الاَشتر ـ .
أمّا أمير الموَمنين - عليه السّلام- فقد تأسّف لموته، وقال: لقد كان لي كما كنت لرسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - .
وقال - عليه السّلام- : رحم اللّه مالكاً فقد كان وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقي ربّه، مع أنّا قد وطّنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - فانّها من أعظم المصائب.
وقال - عليه السّلام- : للّه درُّ مالك، وما مالك؟ لو كان من جبل لكان فِندا، ولو كان من حجر لكان صلدا [1]