ذهب مالك إلى حجّية اتّفاق أهل المدينة قائلًا: بأنّ أهل المدينة أعرف الناس بالتنزيل، فالحق لا يخرج عمّا يذهبون إليه، فيكون عملهم حجّة يقدم على القياس و خبر الواحد، و قد أفتى بمسائل نظراً لاتّفاق أهل المدينة عليها. نظير الجمع بين الصلاتين ليلة المطر، و القضاء بشهادة واحد و يمين صاحب الحق، و الإسهام في الجهاد لفرس أو لفرسين [1]؛ و قد ردّ عليه معاصره الليث بن سعد في رسالة مبسّطة.
لكن القول الحاسم: إنّ اتّفاق أهل المدينة لو كان ملازماً لقول المعصوم ملازمة عادية فيؤخذ به، و إلّا فلا يكون حجّة، و مثله اتّفاق المصرين- الكوفة و البصرة- فإن كان ملازماً لقول المعصوم كالإمام علي 7 يؤخذ به، و إلّا فهو أمارة ظنية لو لم يقم الدليل على حجّيتها- إذ لا قيمة لاتفاق فئة ليسوا بمعصومين.