نام کتاب : الرسائل الأربع( قواعد أصولية وفقهية) - تقريرات نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 3 صفحه : 7
الثّاني: القاضي و الفاصل للخصومات:
هذا هو الركن الثّاني لإدارة المجتمع الإسلاميّ بل مطلق المجتمع البشريّ، لأنّ الحياة الفرديّة لا تثير أيّ اختلاف و نزاع بخلاف الحياة الاجتماعية، فإنّ الاختلاف فيها وافر من جهات و نواحي عديدة، كالتّزاحم و التّصادم في الحقوق و الأموال، إمّا طمعاً في حقوق الآخرين و أموالهم و أعراضهم، و إمّا جهلًا بالحكم و الوظيفة العمليّة و اعتقاداً بملكيّة ما ليس يملكه، فلا مناص حينئذ عن وجود قوّة قضائيّة و سلطة نافذة فاصلة للخصومات تحلّ العقد ببنان العدل و الإنصاف، و في ضوء القانون النّازل من اللّه سبحانه، و إلى ذلك يشير قوله سبحانه خطاباً لداود (عليه السلام) (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) (ص/ 26).
و قال مخاطباً لنبيّه: (وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (المائدة/ 42) و قال سبحانه: (وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ) (المائدة/ 48) و قال سبحانه: (وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (المائدة/ 49).
و ليس المراد من الحكم في الآيات هو الحكم فيما يرجع إلى الأُصول و العقائد، بل المراد هو الحكم في مجال الفروع و ذلك بوجهين: