التشريع القرآني تشريع من جانب ربِّ العالمين إلى نوع البشر، فالوطن
والقوم والقبيلة لم توَخذ بنظر الاعتبار، والكرامة للاِنسان وحده، ولا فضل لاِنسان
على آخر إلاّ بالمُثُل والاَخلاق.
فترى أنّه يخاطب المجتمع الاِنساني بقوله: "يا أَيُّهَا النّاس" أو "يا بَني
آدَمَ" أو "يا أَيُّهَا الموَمنون" وما ضاهاها، فكسر جميع الحواجز والقيود التي
يعتمد عليها المفكّر المادي في التقنين الوضعي، والذي يقتفي أثر اليهود في
مزعمة الشعب المختار.
إنّ النبيّ - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - هو القائل بأنّه ليست العربية بأب والد، وإنّما هو لسان
ناطق، وفي الوقت نفسه لا يعني بكلامه هذا انّ العلائق الطبيعية، كالانتماء الوطني
أو القومي بغيضة لا قيمة لها، وإنّما يندّد باتّخاذها محاور للتقنين، وسبباً للكرامة
والمفخرة، أو سبيلاً لتحقير الآخرين، وإيثارها على الدين والعقيدة، يقول سبحانه:
"لا تَجِدُ قَوماً يُوَمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا
آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الاِِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ
بِرُوحٍ مِنْهُ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الاََنْهارُ خالِدينَ فِيها رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" . [2]
والعجب انّه قد صدر هذا من لدن إنسان أُمّي نشأ في بيئة تسودها خصلتان
على جانب الضد من هذا النمط من التشريع، وهما: