و لكن الأولى في التعبير، التفصيل بين الموردين: بين من يجري في حقّه الأصل و من لا يجري، ففي الأوّل يكون في ترك المأمور به معذورا دون الثاني.
و بعبارة أخرى: إذا كان عند الاستطاعة معذورا في تركه، و بعدها غير متمكّن منه، لا يستقرّ عليه الحجّ، بخلاف من لا يكون معذورا حين الاستطاعة في تركه، فيستقرّ عليه الحجّ بعد إزالتها.
ففي مورد الاستطاعة إذا كان قاصرا- كما إذا كان قاطعا بعدمها- يعد معذورا حين الاستطاعة يجري في حقّه الأصل فلا يستقرّ عليه الحجّ، بخلاف من كان مقصّرا، كما إذا احتمل الاستطاعة و كان شاكّا فيها، فترك الفحص فلا يكون معذورا في الترك حينها فلا يجري في حقّه الأصل فيعود الفرق بين القاصر و المقصّر إلى الفرق بين جريان الأصل و عدمه إلى الجهل المركب (العاجز) و الجهل البسيط.
كما هو الحال في مورد الغفلة عن الحكم الشرعي، فلو كان جاهلا مركبا، فهو جاهل قاصر لجزمه بعدم الوجوب، فيكون معذورا، في الترك فيجري في حقّه الأصل فلا يستقرّ عليه الحجّ بعد الاستطاعة، بخلاف ما لو كان جاهلا بسيطا، فهو جاهل مقصّر، ترك التعلّم مع الشك في الوجوب فلا يكون معذورا عند العقل، فلا يجري في حقّه الأصل لعدم اجتماع شرائط جريانه. فيرجع الفرق بين الصورتين (الجهل البسيط و المركب)، إلى الفرق بجريان الأصل و عدمه، فالأولى بيان حكم الصورتين بنحو واحد، و هو جريان الأصل و عدمه فيهما.