نام کتاب : الإعتصام بالكتاب و السنة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 4
و قد ظن
البعض أنّها وحدة عاطفية ممّا يجعلها واهيةً أيضاً إلّا أنّ الحقيقة هي أنّها وحدة
قلوب، و ليس القلب عاطفة لا تقوم على أُسس عقلية كما أنّه ليس عقلًا مجرّداً يبتعد
عن التجسّد العاطفي، إنّه التحام الوعي بالاحساس ... و هكذا الوحدة الاسلامية ..
انّها تنطلق من أُسس عقائدية متينة واقعية تنير الوجود الانساني بأنوارها و تصوغ
الاحاسيس بلطفها كما تصوغ المفاهيم عن الكون و الحياة و الانسان تماماً، و حينئذ
يشكل المجموع (العقيدة، و المفاهيم و الاحاسيس) القاعدة الاساسية لقيام المجتمع
الاسلامي الرصين الواحد.
و
لا ريب في أنّ الاسلام أراد من كل نظمه أن تساهم في إغناء هذه الحقيقة و المساهمة
الفاعلة في إيجاد أُمّة موحّدة تغييرية تعمل جادة لتحقيق هدف الخلقة على المستوى
الحضاري التاريخي الممتد. و من هذه النظم الاسلامية نفس نظام الاجتهاد الذي يعبّر
عن أروع صورة للمرونة الاسلامية كما تعبّر عن أرضية الخصوبة الفكرية المستمرة و
طبيعي أن يعلن الاسلام و هو المبدأ الواقعي حرية الاجتهاد و الاستنباط نظراً
لَانّه دين الحياة، و نظراً لَانّه يعطي رأيه في كل واقعة، و الوقائع متكثّرة و
الاسلام إذ يفتح باب الاجتهاد يمنح المتخصّصين و العلماء كل القواعد و كل المنابع
الواضحة، و يعيّن كل الشروط التي تضمن للعملية الاجتهادية أن تبقى في الخط العام
تنتج و تثمر و تتعامل مع الواقع منطلقة من الروية المبدئية فإذا الاجتهاد، انطلاقة
مبدئية، و ثراء علمي و قدرة على استيعاب الجديد و امتداد مع المسيرة الفطرية
الصافية نحو الغد المرسوم هكذا شاء اللّه تعالى للاجتهاد أن يكون مصدر عظمة، و
مصدر توحّد، و لا خير في أن تختلف النتائج و تختلف الآراء إن كانت جميعاً في الخط
العام .. و ما ورد من النصوص الناهية عن الاختلاف إنّما تنصب على الموقف العملي
الاجتماعي و السياسي للَامّة في حين تصوّر البعض أنّها تشير للاختلاف الاستنباطي
الفقهي أو المفهومي و ليس الامر كذلك.
نام کتاب : الإعتصام بالكتاب و السنة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 4