نام کتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 306
٣. كان الجمع بين الصلاتين جمعا صوريا
إنّ غير واحد ممّن
تعرض لحلّ هذه الأحاديث التجأ إلى أنّ الجمع لم يكن جمعا حقيقيا كما في الجمع في
السفر ، بل كان جمعا صوريا ، بمعنى انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخّر الظهر إلى حد بقي من وقتها مقدار أربع ركعات فصلّى
الظهر ، وبإتمامها دخل وقت العصر وصلّى العصر فكان جمعا بين الصلاتين مع أنّ كلّ
واحدة من الصلاتين أتي بها في وقتها. وهذا هو الظاهر في غير واحد من شراح الحديث ،
وإليك كلماتهم :
١. قال النووي :
ومنهم من تأوّله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاّها فيه فلمّا فرغ منها دخلت
الثانية فصلاّها فصارت صلاته صورة جمع.
ثمّ رده وقال :
وهذا أيضا ضعيف أو باطل ، لأنّه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ، وفعل ابن عباس
الذي ذكرناه حين خطب ، واستدلاله بالحديث لتصويب فعله وتصديق أبي هريرة له وعدم
إنكاره ، صريح في ردّ هذا التأويل. [١]
وكان على النووي
أن يرد عليه بما ذكرناه ، وهو انّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع بين الصلاتين بغية رفع الحرج عن الأمّة ، والجمع
بالنحو المذكور أكثر حرجا من التفريق.
قال ابن قدامة :
إنّ الجمع رخصة ، فلو كان على ما ذكروه لكان أشد ضيقا وأعظم حرجا من الإتيان بكلّ
صلاة في وقتها ، لأنّ الإتيان بكلّ صلاة في وقتها أوسع من مراعاة طرفي الوقتين
بحيث لا يبقى من وقت الأولى إلاّ قدر فعلها.