نام کتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 265
والنجاسة ، والأوساخ
التي لا يتقرّب بها إلى الله قط ولا تجوّز السنّة السجود عليها ولا يقبله العقل
السليم ، خصوصا بعد ورود التأكيد التام البالغ في طهارة أعضاء المصلّي ولباسه
والنهي عن الصلاة في مواطن منها :
المزبلة ، والمجزرة
، وقارعة الطريق ، والحمام ، ومواطن الإبل ، بل والأمر بتطهير المساجد وتطييبها. [١]
وهذه القاعدة كانت
ثابتة عند السلف الصالح وإن غفل التأريخ عن نقلها ، فقد روي : أنّ التابعي الفقيه
مسروق بن الأجدع ( المتوفّى عام ٦٢ ه ) كان يصحب في أسفاره لبنة من المدينة يسجد
عليها. كما أخرجه ابن أبي شيبة في كتابه المصنف ، باب من كان حمل في السفينة شيئا
يسجد عليها. فأخرج بإسنادين أنّ مسروقا كان إذا سافر حمل معه في السفينة لبنة يسجد
عليها. [٢]
إلى هنا تبيّن أنّ
التزام الشيعة باتّخاذ التربة مسجدا ليس إلاّ لتسهيل الأمر للمصلّي في سفره وحضره
خوفا من أن لا يجد أرضا طاهرة أو حصيرا طاهرا فيصعب الأمر عليه ، وهذا كادّخار
المسلم تربة طاهرة لغاية التيمّم عليها.
وأمّا السرّ في
التزام الشيعة استحبابا بالسجود على التربة الحسينية ، فإنّ من الأغراض العالية
والمقاصد السامية منها ، أن يتذكّر المصلّي ـ حين يضع جبهته على تلك التربة ـ تضحية
ذلك الإمام عليهالسلام بنفسه وأهل بيته والصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة والمبدأ ومقارعة الجور
والفساد.
ولمّا كان السجود
أعظم أركان الصلاة ، وفي الحديث : « أقرب ما يكون العبد إلى ربّه حال سجوده »
فيناسب أن يتذكّر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية ، أولئك الذين جعلوا أجسامهم
ضحايا للحقّ ، وارتفعت أرواحهم إلى الملإ الأعلى ،