هو فاعل التزكية والتدسية ومتوليهما، والتزكية هي الاِتمام والاِعلاء بالتقوى، لاَنّ
لازم التطهير هو الاِنماء كما أنّ التدسية النقص والاِخفاء بالفجور.
والمقسم عليه: هو قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها * وَقَدْخابَمَنْ دَسّاها)، وربّما
يتصوّر أنّ جواب القسم محذوف.
قال الزمخشري: إنّ جوابه محذوف تقديره ليدمدمنّ اللّه على أهل مكة
لتكذيبهم رسول اللّه كما دمدم على ثمود لاَنّهم قد كذبوا صالحاً.
وأمّا قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها) فكلام تابع لقوله: (فَأَلْهَمَها فُجُورَها
وَتَقْواها) على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء. [1]
يلاحظ عليه: أنّه لو كان جواب القسم هو ما قدّره، يفقد الجواب الصلة
اللازمة بينه و بين الاَقسام الكثيرة الواردة في سورة الشمس، ولا مانع من أن يكون
قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها) جواب القسم، بأن يكون تابعاً لقوله: (فَأَلْهَمَها
فُجُورَها وَتَقْواها).
وعلى ما ذكرنا فالصلة بين الاَمرين واضحة، وهي أنّه سبحانه يذكر نعمه
الهائلة في هذه الآيات التي لو فقد البشر واحداً منها لتوقفت عجلة الحياة عن
السير نحو الاَمام، فمقتضى إفاضة هذه النعم وإنارة الروح بإلهام الفجور والتقوى
هو المشي على درب الطاعة، وتزكية النفس دون الولوج في طريق الفجور وإخفاء
الدسائس الشيطانية.