لم یزل الإنسان عبر القرون یبحث عن الحیاة و حدّها و منشئها و مُنتهاها بحثاً حثیثاً، کی یقف علی معالمها و آثارها و کیفیة حدوثها بین الموجودات الحیّة. و قد أدّی هذا البحث و الولع الشدیدان إلی نشوء قسم مختص یعرف ب «عالم الأحیاء»، و قد کرّس لفیف من العلماء جُلَّ أعمارهم فی سبیل ذلک و خرجوا بنتائج باهرة معروفة. و الغایة القصوی من دراسة الظاهرة الحیاتیة، هی الوقوف علی واقعِ الإنسان، و هل هو عبارة عن هیکل مادیّ متکوّن من عروق و أعصاب و عظام و غیرها من المکوّنات المادیة فحسب، أم أنّ هناک وراء هذا المظهر المادّی جوهراً آخرَ یکوِّن حقیقة الإنسان و یُشیّد واقعه و الإنسان به یکون إنساناً؟ و بعبارة أُخری: أنّ الباحث یحاول أن یقف علی ذاته و واقعه، و أنّه هل هو موجود آلیّ مرکب من أدوات مادیة مختلفة تتفاعل أجزاؤه بعضها ببعض، أو أنّ وراء هذا الموجود الآلیّ حقیقة قدسیة هی واقع الإنسان و هی المدبّرة لما تراه و تظنّه إنساناً؟