اضواء علي عقائد الشيعه الاماميه و تاريخهم - السبحاني، الشيخ جعفر

نام کتاب : اضواء علي عقائد الشيعه الاماميه و تاريخهم نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 567

الجانب المتغیّر فی الحیاة الإنسانیة:
إنّ للإنسان جانباً آخر فی حیاته لا یزال یتغیّر من حال إلی حال، فمثل هذا یتطلّب تشریعات متغیّرة حسب تغیّره وتبدّله، ومن حسن الحظّ أنّه لیس فی الإسلام الخاتم تشریعٌ ثابتٌ لهذا الجانب من الحیاة مظاهر حیاته وقشورها لا جوهرها، ولذلک لم یتدخّل فیه الإسلام تدخُّلًا مباشراً، بل ترک أمرها للمجتمع الإسلامی فی ظلّ إطارٍ خاص. وسوَّغ للمجتمع البشری إدارة شؤون حیاته فی مجال العمران والبناء وتطور وسائل الحیاة المختلفة فی مجال الثقافة والدفاع والاقتصاد فی ظلّ إطارٍ عام الذی یتجاوب مع التغیّر والتطوّر.
فترک للإنسان مجالًا متحرّکاً یختار به أیّ نوع من الألبسة والبناء والمعدّات والوسائل المختلفة ضمن شروط معلومة فی الفقه الإسلامی، ولأجل هذه المرونة فی الإنسان نری أنّه یتجاوب مع جمیع الحضارات الإنسانیة، وما هذا إلّالأنّه لم یتدخّل فی الجزئیات المتغیّرة إلّابوضع إطار خاصّ لا یمنع حرّیته ولا یزاحم التغیّر، وهنا کلمة قیّمة للشیخ الرئیس ابن سینا نذکرها، قال:
«یجب أن یفوّض کثیر من الأحوال خصوصاً فی المعاملات إلی الاجتهاد؛ فإنّ للأوقات أحکاماً لا یمکن أن تنضبط، وأمّا ضبط المدینة بعد ذلک بمعرفة ترتیب الحفظة ومعرفة الدخل والخرج وإعداد أهب الأسلحة والحقوق والثغور وغیر ذلک فینبغی أن یکون ذلک إلی السائس من حیث هو خلیفة، ولا تفرض فیها أحکام جزئیة؛ فإنّ فی فرضها فساداً؛ لأنّها تتغیّر مع تغیّر الأوقات، وفرض الکلیّات فیها مع تمام الاحتراز غیر ممکن، فیجب أن یجعل ذلک إلی أهل المشورة» [1].
نعم إنّ عنوان مقتضی الزمانصار رمزاً لکلّ من أراد أن یتحرّر من القیم

[1] الشفاء، قسم الإلهیات: ص 566.

نام کتاب : اضواء علي عقائد الشيعه الاماميه و تاريخهم نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 567

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست