اضواء علي عقائد الشيعه الاماميه و تاريخهم - السبحاني، الشيخ جعفر

نام کتاب : اضواء علي عقائد الشيعه الاماميه و تاريخهم نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 566

إنّ السؤال مبنیّ علی أنّ الإنسان بفطرته وترکیبه یقع فی مهبِّ التغیّر والتطوّر؛ فلا یبقی منه شی‌ء عبْر القرون، فکأنّ الإنسان الحالی غیر الإنسان الغابر، مع أنّها فکرة باطلة، فلو کان هناک تغیّر فإنّما یعود هذا إلی غیر الجانب الثابت من حیاته.
4- إنّ فی حیاة الإنسان قضایا أخلاقیة ثابتة عبر الزمان لا یتسرَّب إلیها التغییر ککون الظلم قبیحاً والعدل حسناً، وجزاء الإحسان بالإحسان حسناً وبالسیّئ قبیحاً، والعمل بالمیثاق حسناً ونقضه قبیحاً، إلی غیرها من القضایا الأخلاقیة الثابتة فی حیاة الإنسان. سواء قلنا بأنّها أحکام فطریة نابعة من الخلقة أو قلنا إنّ هناک عوامل عبر التاریخ رسخت هذه المفاهیم فی ذهن الإنسان؛ فإنّ الاختلاف فی جذور تلک المُثُل لا یضرّ بما نحن بصدده؛ لأنّها علی کلّ تقدیر ثابتة فی حیاة الإنسان، والتشریع الموضوع وفقها یتمتّع بالثبات.
إنّ هناک موضوعات فی الحیاة الإنسانیة لم تزل ذات مصالح ومفاسد أبدیة، فما دام الإنسان إنساناً فالخمر یزیل عقله والمیسر ینبت العداوة فی المجتمع، والإباحة الجنسیة تفسد النسل والحرث مدی الدهور والأجیال، فبما أنّ هذه القضایا قضایا ثابتة فی حیاته، فالتشریع علی وفقها یکون ثابتاً وفق ثباتها.
فهذه نماذج من الجانب الثابت من حیاة الإنسان تناولناها لإیقاف القارئ علی أنّ التغیّر فی حیاة الإنسان لیس أمراً کلّیاً ولا یتسرَّبُ إلی أعماق حیاته، وإنّما التغیّر یرجع إلیصور من حیاته فالتغیّر- کما سیوافیک بیانه- إنّما یکون مثلًا فی المواصلات، وفی التکتیک الحربی، وفی طراز البناء وأشکاله، وفی معالجة الأمراض وغیرها، فأین مثل هذا التغیّر من حرمة الظلم، ووجوب العدل، ولزوم أداء الأمانات، ودفع الغرامات، ولزوم الوفاء بالعهد والأیمان، وتکریم ذوی الحقوق إلی غیر ذلک من القوانین الثابتة الموضوعة علی غرار الفطرة مبنیاً علی الجانب الثابت من حیاته فهو یحتلّ مکان التشریع الدائم.

نام کتاب : اضواء علي عقائد الشيعه الاماميه و تاريخهم نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 566

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست