استقبل بي وجه ابن الزبير ، وارفع من صدري ; وكان ابن عباس قد كُفّ بصره فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير ، وأقام قامته فحسر عن ذراعيه ، ثم قال : يابن الزبير:
قد أنصف القارة من راماها * إنّا إذا مافئةٌ نلقاها
يردّ أولاها على أخراها * حتى تصير حرضاً دعواها
يابن الزبير ، أما العمى فان الله تعالى يقول : (فانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)[1] ، وأما فُتياى في القَملة والنَّملة ; فان فيها حكمين ، لا تعلمها أنت ولا أصحابك .
وأما حمل المال فانه كان مالاً جبيناه فاعطينا كل ذي حق حقه، وبقيت بقيَّة وهي دون حقنا في كتاب الله فأخذناها بحقنا ، وأما المتعة : فسل أمك أسماء إذا نزلت عن بُردَي عَوسَجة .
وأما قتالنا أمّ المؤمنين : فبنا سمِّيت أم المؤمنين لابك ولا بأبيك; فانطلق أبوك وخالك إلى حجاب مدّه الله عليها فهتكاه عنها، ثم أتخذاها فتنة يقاتلان دونها، وصانا حلائلهما في بيوتهما، فما أنصفا الله ولا محمداً من أنفسهما أن أبرزا زوجة نبيّه وصانا حلائلهما.
وأما قتالنا إيّاكم : فإنّا لقيناكم زحفاً، فان كنّا كفّاراً فقد كفرتم بفراركم منّا، وان كنّا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيّانا، وايم الله لولا مكان صفيّة فيكم، ومكان خديجة فينا لما تركت لبني أسد بن عبدالعزَّى عظماً إلاّ كسرته.