فلا يحتاج فيه إلى نبيّ، وكلّ ما لايكون للعقل إليه سبيل فهو غير مقبول عند العقلاء.فإذن، دعوى النبوّة غير مقبول أصلاً.
الإنسان لايقدر على تمييز الحق إذا أُلقي إليه من جانب أنبياء اللّه تعالى، فإنّ ما يأتون به ليس في الحقيقة إلاّ جزئيات ومصاديق للأحكام الكلية والأُصول العامة المعلومة لدى العقل والفطرة، فهم لايأتون بما يعارض العقل ويناقض الفطرة حتى يجب ردّها عقلاً، بل يبيّنون الحقائق التي تكون جذورها مغروسة في العقل والفطرة، فالإنسان يجد تعاليم الأنبياء وأحكامهم حقّاً في ظلّ ما عنده من الأُصول الفطرية والكليات العقلية، فشأن الأنبياء في هذا المجال شأن المعلّم يلقي معارف نظريّة على المتعلّمين ويستدل عليها بما عندهم من البديهيات والمسلّمات، فهل يصحّ أن يقال: المتعلّم لايحتاج إلى المعلّم، فإنّه إمّا يأتي بما يعرفه المتعلّم وهذا تحصيل للحاصل، وإمّا يأتي بما لا يعلمه فلا سبيل له إلى تصديقه فيصبح تعليمه إيّاه لغواً؟!