أمّا الأوّل فظاهر، فإنّ الأكوان، أعني الحركات والسكونات والاجتماعات والافتراقات، أُمور ثبوتيّة هي غير الأجسام. وذلك لأنّ الحركة هي كون الجسم في حيّز بعد كونه في حيّز آخر، والسكون هو كونه في حيّز بعد كونه في ذلك الحيّز; والاجتماع هو كون الجسمين في حيّزين على وجه لايمكن أن يتخلّل بينهما جوهر; والافتراق هو كونهما في حيّزين على وجه يمكن أن يتخلل بينهما جوهر.
والأكوان [1] تتبدّل وتتغيّر مع ثبوت الأجسام فهي أُمور موجودة غير الأجسام ولايمكن وجودها إلاّ في الأجسام.
[المقدمة الثانية]
وأمّا بيان أنّ الأجسام لاتخلو عنها، فهو أنّ كلّ جسم يستحيل أن يكون لا في حيّز، فكونه في حيّز ينحصر في الحركة والسّكون، وإذا كان جسمان في حيّزهما انحصر كونهما في الاجتماع والافتراق.
[1] هذا بناءً على إنكار الحركة الجوهرية، وأمّا مع إثباتها ـ كما هوالحق ـ فلا ثبات للأجسام حقيقة، نعم يتصوّر لها ثبوت نسبي، وذلك في الحركات الثانوية باعتبار المقولات الأربع: الكم، والكيف، والوضع، والأين. [1][1] لاحظ نهاية الحكمة، المرحلة التاسعة، الفصل الثالث عشر.