خطبته(صلى الله عليه وآله)بمنى يوم النحر، أو أوسط أيّام التشريق، فكلّها قريبة المفاد والمعنى.
والّذي يبدو جلياً أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)خطبها بعرفة، ونظراً لأهميتها وعظيم ما تضمّنته من معان جليلة ومطالب هامّة فقد أعاد رسول الله(صلى الله عليه وآله)محتوياتها وفقراتها في مناسبات ومواقف عديدة وأماكن أُخرى في يوم النحر أو اليوم الحادي عشر، فهي تُعد بحق خطبة كاملة وكلمة جامعة وأساساً متيناً لوحدة المسلمين وتبياناً لشؤون دينهم ودنياهم.
وهي وإن اختلفت المصادر الّتي ذكرتها في بعض ألفاظها، فإنّ هذا الاختلاف لا يضرّ بالمعنى والمفاد، وإليك بعض ما ورد فيها.
فبعد الحمد والثناء والاستعاذة والشهادة بالتوحيد والعبودية والرسالة قال(صلى الله عليه وآله):
أُوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثّكم على العمل بطاعته; وأستفتح الله بالذي هو خيرٌ.
أمّا بعدُ: أيّها الناس! اسمعوا منِّي ما أُبيِّنُ لكم، فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا، في موقفي هذا.
أيُّها الناس! إنَّ دماءكم وأعراضكم عليكم حرامٌ إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلِّغت؟ اللّهُمَّ اشهد.
فمن كانت عندهُ أمانةٌ فليؤدها إلى من ائتمنهُ عليها، وإنَّ ربا الجاهليَّة موضوع، وإنَّ أوَّل رباً أبدأُ به ربا العباس بن عبدالمطلب ; وإنَّ دماء الجاهليَّة موضوعةٌ، وإنَّ أوَّل دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، وإنَّ مآثر الجاهليَّة موضوعةٌ غير السدانة والسقاية، والعمدُ قود، وشبه العمد ما قُتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن ازداد فهو من الجاهلية .
أيُّها الناسُ! إنَّ الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنَّه قد رضي بأن يطاع فيما سوى ذلك فيما تحتقرون من أعمالكم.