دلالة من هذا القبيل.
هذا، مع أنّ الإتيان بالشيء يختلف عن إتيانه في أنّ الأوّل يدلّ على اصطحاب للعمل ممّا يعني افتراضه كاملًا، ولذلك لا يطلق إلّا بعد الفراغ منه بخلاف اللفظ الثاني فانّه لا يدلّ على أكثر من مزاولته وممارسته.
3- الإقبال:
وهو اتيان الشيء من قبل الوجه، قال العسكريّ في فروقه: «الفرق بين الإقبال و... المجيء: إنّ الإقبال الإتيان من قبل الوجه، والمجيء إتيان من أي وجه كان» [1].
4- القصد:
ذكر بعضهم أنّ من معانيه:
إتيان الشيء [2]. لكن القصد يعمّ القصد النفسي والخارجي، وإتيان الشيء هو الثاني دون الأوّل، ولذلك عبّر الشيخ الطوسي في معنى الإتيان بالانتقال إلى مطلوب [3] كما تقدم.
ثالثاً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث:
استعمل الفقهاء الإتيان- بمعنييه الحقيقي والكنائي- في الفقه كثيراً، ونحن نقتصر على ذكر بعض موارده فقط:
1-
يتحقّق الامتثال الواجب بالإتيان بما أمر اللَّه سبحانه وتعالى به كاملًا من غير نقص في أجزائه أو شرائطه والانتهاء عمّا نهى اللَّه عنه سبحانه كذلك [4].
وفي الامتثال مباحث عديدة يتعرّض لها العلماء في علم الاصول:
منها: عدّهم الامتثال من مسقطات الأمر، وإجزائه عنه [5].
ومنها: بحثهم فيما يتحقّق به امتثال الأمر والنهي حيث يذكرون بأنّ امتثال الأمر يتحقّق بالإتيان بفرد واحد من أفراد الطبيعة، في حين لا يتحقّق امتثال النهي إلّا بترك جميع أفرادها [6].
ومنها: البحث المعروف عندهم بتبديل الامتثال بالامتثال، ومرادهم منه ما إذا أتى المكلّف بفرد من أفراد الطبيعة المأمور بها ثمّ بدا له استبداله بفرد آخر منه، كما لو صلّى الظهر مفرداً أو في بيته ابتداءً ثمّ بدا له أن يصلّيها ثانية جماعة أو في المسجد فهل يصحّ ذلك بعد سقوط الأمر بالامتثال الأوّل أم لا يصحّ [7]؟
إلى غير ذلك من المباحث المتعلّقة بالامتثال. وللتفصيل راجع مصطلح (امتثال).
2-
يستحب إتيان المواضع الشريفة وزيارتها في الحج والعمرة، كإتيان الحجر الأسود، وبئر زمزم، ومولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسجده، ومسجد الأحزاب، والفتح، والفضيخ، وقبا، ومشربة ام ابراهيم، والأرقم، والحطيم، وزيارة قبور الشهداء خصوصاً قبر حمزة عليه السلام، وإتيان منزل خديجة، والغارين اللذين بجبل حراء وثور، بل ربّما يستحب ذلك مطلقاً لكلّ
[1] معجم الفروق اللغوية: 63. [2] الصحاح 2: 524. [3] التبيان 4: 497. [4] انظر: المنتهى 3: 116. المدارك 3: 326، 401، 6: 247. التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 8: 345. [5] كفاية الاصول: 81. نهاية الأفكار 1: 222. [6] هداية المسترشدين: 321. [7] التذكرة 4: 331- 332. الحدائق 11: 162. مستند الشيعة 8: 168. الصلاة (تراث الشيخ الأعظم) 2: 531. مصباح الفقيه (الصلاة): 664- 665 (حجرية). جامع المدارك 1: 354.