أهل العلم أن يعلّموا» [1]، فإنّه دالّ على عدم الرخصة في البخل بالعلم [2].
أمّا الروايات فقد دلّت على أنّ المراد بالبخيل هو مانع الزكاة، بل تعميمه بالنسبة إلى المنع عن الواجبات، فقد روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:... إنّما البخيل حقّ البخيل الذي يمنع الزكاة المفروضة من ماله ويمنع البائنة [3] في قومه، وهو في ما سوى ذلك يبذّر» [4].
وقال أبو الحسن موسى عليه السلام في رواية أحمد بن سلمة: «البخيل من بخل بما افترض اللَّه عليه» [5].
وتظهر الثمرة- بين القولين- في تعدّد العقاب ووحدته؛ إذ على احتمال كون الزكاة من الواجبات فقط يستحقّ العاصي عقاباً واحداً على ترك الواجب، وعلى الاحتمال الأوّل يعاقب العاصي المذكور بعقابين، أي ترك الواجب وفعل الحرام [6].
وقال بعض الفقهاء: «لا يبعد القول بحرمة بعض تلك الصفات كالكبر والحسد ونحوهما، مضافاً إلى حرمة بعض الآثار المسبّبة عنها إذا كان الشخص متنشّطاً بها قادراً على إزالتها» [7].
ثمّ إنّه قد يكره البخل إذا كان الإمساك عن غير واجب [8]، كما وردت مصاديقه في الروايات بالنسبة إلى الحقوق المستحبّة للمؤمن:
منها: ما رواه المفضّل بن عمر، قال:
قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «من كانت له دار فاحتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إيّاها قال اللَّه عزّوجلّ: ملائكتي أبخل عبدي على عبدي بسكنى الدنيا، وعزّتي لا يسكن جناني أبداً» [9]. [1]
البحار 2: 81، ح 83. [2] زبدة البيان: 276- 277. [3] المراد بالبائنة: المال يُخصّ به أحد الأبناء. المعجمالوسيط 1: 80. لكن الظاهر من الرواية أنّها استعملت في المال الذي يخصّ به من كان من القوم وإن لم يكن ولداً. [4] معاني الأخبار: 245، ح 4. [5] الوسائل 9: 36، ب 5 ممّا تجب فيه الزكاة، ح 2. [6] حدود الشريعة 1: 111. [7] مصطلحات الفقه: 103. [8] مصطلحات الفقه: 103. وانظر: الوسائل 16: 387، ب 38 من فعل المعروف (عنوان الباب). [9] الوسائل 16: 388، ب 39 من فعل المعروف، ح 3.