لكن أورد عليه المحدّث البحراني أنّ هذا الاستعمال غير متعارف، ولعلّه كان في تلك المواضع مع القرينة ولا قرينة هنا [1]).
وكيف كان فقد استدلّ له- مضافاً إلى دعوى الإجماع وطريقة الاحتياط [2])- بالروايتين المتقدّمتين بدعوى دلالتهما على الوجوب.
واجيب عنه بمنع الدلالة على الوجوب؛ لأنّ الأمر فيهما بالجملة الخبريّة، وهي غير ظاهرة في الوجوب [3]، ولإعراض المشهور عنهما وإشعار ذيلهما بإرادة الأمر
[1] الحدائق 2: 55. [2] استدلّ بذلك السيد ابن زهرة في الغنية (36) حيث إنّه- بعد أن ذكر أفعالًا واجبة ومستحبّة في الاستنجاء، منها: وجوب الاستبراء من البول- قال: «ويدلّ على جميع ذلك الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، فإنّ من استنجى على الوجه الذي ذكرناه وصلّى برئت ذمّته بيقين، وليس كذلك إذا لم يستنج أو استنجى بخلاف ما ذكرناه». [3] جواهر الكلام 2: 58. ولكن نوقش في ذلك بأنّه لا خصوصيّة في ذلك بصيغة (افعل) بل كلّ ما دلّ على الطلب وإرادة الفعل- سواءً كان بالصيغة المشار إليها أم لا- فإنّه للوجوب إلّا مع قيام القرينة على خلافه، بل ربّما ذهب بعض إلى أنّ الجملة الخبرية أقوى في الدلالة على الوجوب من صيغة (افعل). (الحبل المتين: 35، الهامش. الحدائق 2: 55) وتفصيل ذلك في علم الاصول.