الجمع بين الروايات:
وثمّة محاولات للجمع بينهما:
1- قد استند بعضهم- كالمحقّق في المعتبر [1] والأردبيلي [2] والكاشاني [3]- إلى هذا الحديث وجعله قرينة على إرادة الكراهة من النهي الوارد في الروايات المتقدّمة.
واعترض عليه من قبل الآخرين: بأنّ صحيحة جميل هذه كما تنفي الحرمة تنفي الكراهة أيضاً؛ لأنّها صريحة في الاستحباب والحسن، فلا محيص عن المعارضة، ولا بدّ حينئذٍ من حملها على التقيّة [4].
2- واحتمل المحقق في المعتبر وجهاً [5] للجمع بين الروايات المانعة والمبيحة بحمل الاولى على منع المنفرد، والثانية على الجماعة [6].
وهو كما ترى؛ إذ أنّ بعض روايات المنع صريحة في الجماعة [7].
3- سيأتي أنّه على بعض المحتملات في النهي- والذي فهمه بعض الفقهاء من هذه الروايات- يمكن الجمع بينهما بجمع دلالي عرفي.
وذهب بعض الفقهاء إلى الاحتمالين الثاني أو الثالث، فحمل الوحيد البهبهاني [8]- تبعاً للأردبيلي [9]- جملة «ما أحسنها» على الاستفهام الاستنكاري، أو أن تكون «ما» نافية و«احسِّنها» [10] فعلًا للمتكلّم، أي ما أراها حسناً ولا أحكم بحسنها، وأنّ جملة «واخفض الصوت بها» فعل ماضٍ فاعله
[1] المعتبر 2: 186. [2] مجمع الفائدة والبرهان 2: 235. [3] الوافي 8: 657- 658. وستأتي عبارته في هامش 205. [4] راجع كشف اللثام 4: 17، ومستمسك العروة الوثقى 6: 591 ومستند العروة 4: 542. [5] وفي مستند العروة (الصلاة 4: 538): «وعن المحقق في المعتبر اختصاص المنع بالمنفرد».
أقول: ظاهره عدّه قولًا، والصحيح ما ذكرناه من أنّه مجرّد وجه. [6] انظر: المعتبر 2: 186. [7] انظر: جواهر الكلام 10: 9. [8] مصابيح الظلام- الصلاة (مخطوط): 125. [9] مجمع الفائدة والبرهان 2: 235. [10] واحتمل في جواهر الكلام (10: 9): أنّ المحقق في المعتبر استند إلى هذا الوجه.