responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 187
وألقابه جهده ويبعد نفسه عن التهمة بذلك وإن حصل له الاستبداد لأنه مستتر في استبداده ذلك بالحجاب الذي ضربه السلطان وأولوه على أنفسهم عن القبيل منذ أول الدولة ومغالط عنه بالنيابة ولو تعرض لشئ من ذلك لنفسه [1] عليه أهل العصبية وقبيل الملك وحاولوا الاستئثار به دونه لأنه لم تستحكم له في ذلك صبغة تحملهم على التسليم له والانقياد فيهلك لأول وهلة وقد وقع مثل هذا لعبد الرحمن بن الناصر بن منصور بن أبي عامر حين سما إلى مشاركة هشام وأهل بيته في لقب الخلافة ولم يقنع بما قنع به أبوه وأخوه من الاستبداد بالحل والعقد والمراسم المتتابعة فطلب من هشام خليفته أن يعهد له بالخلافة فنفس ذلك عليه بنو مروان وسائر قريش وبايعوا لابن عم الخليفة هشام محمد بن عبد الجبار بن الناصر وخرجوا عليهم وكان في ذلك خراب دولة العامريين وهلاك المؤيد خليفتهم واستبدل منه سواه من أعياص الدولة إلى آخرها واختلت مراسم ملكهم والله خير الوارثين الفصل الثالث والعشرون في حقيقة الملك وأصنافه الملك منصب طبيعي للانسان لأنا قد بينا أن البشر لا يمكن حياتهم ووجودهم إلا باجتماعهم وتعاونهم على تحصيل قوتهم وضرورياتهم وإذا اجتمعوا دعت الضرورة إلى المعاملة واقتضاء الحاجات ومد كل واحد منهم يده إلى حاجته يأخذها من صاحبه لما في الطبيعة الحيوانية من الظلم والعدوان بعضهم على بعض ويمانعه الآخر عنها بمقتضى الغضب والأنفة ومقتضى القوة البشرية في ذلك فيقع التنازع المفضي إلى المقاتلة وهي تؤدي إلى الهرج وسفك الدماء وإذهاب النفوس المفضي ذلك إلى انقطاع النوع وهو مما خصه الباري سبحانه بالمحافظة فاستحال بقاؤهم فوضى دون حاكم يزع بعضهم عن بعض واحتاجوا من أجل ذلك إلى الوازع وهو الحاكم عليهم وهو بمقتضى الطبيعة البشرية الملك القاهر المتحكم ولا بد في ذلك من العصبية لما قدمناه من أن المطالبات كلها والمدافعات لا تتم إلا بالعصبية وهذا الملك كما تراه منصب شريف تتوجه نحوه الطالبات ويحتاج إلى المدافعات ولا يتم شئ

[1] قوله لنفسه بفتح اللام والنون وكسر الفاء يقال نفس عليه الشئ كفرح لم يره اهلا له كما في القاموس
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست