responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 125
الفصل الخامس في أن اهل البدو أقرب إلى الشجاعة من اهل الحضر والسبب في ذلك أن أهل الحضر ألقوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة وانغمسوا في النعيم والترف ووكلوا أمرهم في المدافعة عن أموالهم وأنفسهم إلى واليهم والحاكم الذي يسوسهم والحامية التي تولت حراستهم واستناموا إلى الأسوار التي تحوطهم والحرز الذي يحول دونهم فلا تهيجهم هيعة ولا ينفر لهم صيد فهم غارون آمنون قد ألقوا السلاح وتوالت على ذلك منهم الأجيال وتنزلوا منزلة النساء والولدان الذين هم عيال على أبي مثواهم حتى صار ذلك خلقا يتنزل منزلة الطبيعة وأهل البدو لتفردهم عن المجتمع وتوحشهم في الضواحي وبعدهم عن الحامية وانتباذهم عن الأسوار والأبواب قائمون بالمدافعة عن أنفسهم لا يكلونها إلى سواهم ولا يثقون فيها بغيرهم فهم دائما يحملون السلاح ويتلفتون عن كل جانب في الطرق ويتجافون عن الهجوع إلا غرارا في المجالس وعلى الرحال وفوق الأقتاب ويتوجسون للنبآت والهيعات ويتفردون في القفر والبيداء مدلين ببأسهم واثقين بأنفسهم قد صار لهم البأس خلقا والشجاعة سجية يرجعون إليها متى دعاهم داع أو استنفرهم صارخ وأهل الحضر مهما خالطوهم في البادية أو صاحبوهم في السفر عيال عليهم لا يملكون معهم شيئا من أمر أنفسهم وذلك مشاهد بالعيان حتى في معرفة النواحي والجهات وموارد المياه ومشارع السبل وسبب ذلك ما شرحناه وأصله أن الانسان ابن عوائده ومألوفه لا ابن طبيعته ومزاجه فالذي ألفه في الأحوال حتى صار خلقا وملكة وعادة تنزل منزلة الطبيعة والجبلة واعتبر ذلك في الآدميين تجده كثيرا صحيحا والله يخلق ما يشاء الفصل السادس في أن معاناة اهل الحضر للحكام مفسدة للباس فيهم ذاهبة بالمنفعة منهم وذلك أنه ليس كل أحد مالك أمر نفسه إذ الرؤساء والأمراء المالكون لامر الناس قليل بالنسبة إلى غيرهم فمن الغالب أن يكون الانسان في ملكة غيره ولابد فإن كانت الملكة رفيقة وعادلة لا يعاني منها حكم ولا منع وصد كان الناس من تحت
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست