وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حِينَ خَدَعَ أَبَا مُوسَى-
خَدَعْتُ أَبَا مُوسَى خَدِيعَةَ شَيْظَمِ
يُخَادِعُ سَقْباً فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ[1]
فَقُلْتُ لَهُ إِنَّا كَرِهْنَا كِلَيْهِمَا
فَنَخْلَعْهُمَا قَبْلَ التَّلَاتِلِ وَ الدَّحْضِ[2]
فَإِنَّهَا لَا يُغْضِيَانِ عَلَى قَذًى
مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى يَفْصِلَانِ عَلَى أَمْضِ[3]
فَطَاوَعَنِي حَتَّى خَلَعْتُ أَخَاهُمُ
وَ صَارَ أَخُونَا مُسْتَقِيماً لَدَى الْقَبْضِ
وَ إِنَّ ابْنَ حَرْبٍ غَيْرُ مُعْطِيهِمُ الْوَلَا
وَ لَا الْهَاشِمِيِّ الدَّهْرَ أَوْ يَرْبَعَ الْحَمْضُ[4].
فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ:
كَذَبْتَ وَ لَكِنْ مِثْلُكَ الْيَوْمَ فَاسِقُ
عَلَى أَمْرِكُمْ يَبْغِي لَنَا الشَّرَّ وَ الْعَزْلَا
وَ تَزْعُمُ أَنَّ الْأَمْرَ مِنْكَ خَدِيعَةٌ
إِلَيْهِ وَ كُلُّ الْقَوْلِ فِي شَأْنِكُمْ فَضْلًا
فَأَنْتُمْ وَ رَبِّ الْبَيْتِ قَدْ صَارَ دِينُكُمْ
خِلَافاً لِدِينِ الْمُصْطَفَى الطَّيِّبِ الْعَدْلَا
أَ عَادَيْتُمُ حُبَّ النَّبِيِّ وَ نَفْسَهُ
فَمَا لَكُمْ مِنْ سَابِقَاتٍ وَ لَا فَضْلًا
وَ أَنْتُمْ وَ رَبِّ الْبَيْتِ أَخْبَثُ مَنْ مَشَى
عَلَى الْأَرْضِ ذَا نَعْلَيْنِ أَوْ حَافِياً رَجُلًا
غَدَرْتُمْ وَ كَانَ الْغَدْرُ مِنْكُمْ سَجِيَّةً
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ حَرْثاً وَ أَنْ لَمْ يَكُنْ نَسْلًا[5].
.
[طواف أبي موسى بالبيت بعد الحكم و شعر الهيثم في الحكم]
قال و لحق أبو موسى و هو يطوف بالبيت بمكة.
نَصْرٌ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ طَاوُسٍ
[1] في الأصل: «خداعة شيظم» و إنّما هي الخديعة. و الشيظم: الطويل الجسيم الفتى من الناس و الخيل و الإبل. و السقب: ولد الناقة.
[2] التلاتل: الشدائد. و الدحض: الزلق و الزلل.
[3] الأمض: الباطل و الشك. و حتّى، في البيت، ابتدائية، كما في قوله:
* و لا صلح حتّى تضبعون و نضبعا*
انظر الخزانة (3: 599).
[4] كذا ورد هذا العجز.
[5] في الأصل: «فإن لم يكن حرثا».