مِمَّنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَاهَدْنَا مَعَهُ حَتَّى نُدْرِكَ بِدَمِ عُثْمَانَ أَوْ نَهْلِكَ فَقَالَ جَرِيرٌ يَا شُرَحْبِيلُ مَهْلًا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَقَنَ الدِّمَاءَ وَ لَمَّ الشَّعَثَ وَ جَمَعَ أَمْرَ الْأُمَّةِ وَ دَنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سُكُونٌ فَإِيَّاكَ أَنْ تُفْسِدَ بَيْنَ النَّاسِ وَ أَمْسِكْ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ قَوْلٌ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ قَالَ: لَا وَ اللَّهِ لَا أُسِرُّهُ أَبَداً ثُمَّ قَامَ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ النَّاسُ: صَدَقَ صَدَقَ الْقَوْلُ مَا قَالَ وَ الرَّأْيُ مَا رَأَى فَأَيِسَ جَرِيرٌ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَ عَنْ عَوَامِّ أَهْلِ الشَّامِ.
[إبطاء جرير عند معاويه و كتاب على ع إليهما]
نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ أَتَى جَرِيراً فِي مَنْزِلِهِ فَقَالَ يَا جَرِيرُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْياً قَالَ هَاتِهِ قَالَ اكْتُبْ إِلَى صَاحِبِكَ يَجْعَلْ لِيَ الشَّامَ وَ مِصْرَ جِبَايَةً فَإِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ بَيْعَةً فِي عُنُقِي وَ أُسَلِّمُ لَهُ هَذَا الْأَمْرَ وَ أَكْتُبُ إِلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ فَقَالَ جَرِيرٌ اكْتُبْ بِمَا أَرَدْتَ وَ أَكْتُبُ مَعَكَ فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ فَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى جَرِيرٍ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَلَّا يَكُونَ لِي فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ وَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا أَحَبَّ وَ أَرَادَ أَنْ يَرْيِثَكَ حَتَّى يَذُوقَ أَهْلَ الشَّامِ وَ إِنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَدْ كَانَ أَشَارَ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَعْمِلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى الشَّامِ وَ أَنَا بِالْمَدِينَةِ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَرَانِي أَتَّخِذُ الْمُضِلِّينَ عَضُداً فَإِنْ بَايَعَكَ الرَّجُلُ وَ إِلَّا فَأَقْبِلْ».
وَ فَشَا كِتَابُ مُعَاوِيَةَ فِي الْعَرَبِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ
مُعَاوِيَّ إِنَّ الشَّامَ شَامُكَ فَاعْتَصِمْ
بِشَامِكَ لَا تَدْخُلْ عَلَيْكَ الْأَفَاعِيَا
وَ حَامِ عَلَيْهَا بِالْقَنَابِلِ وَ الْقَنَا
وَ لَا تَكُ مَحْشُوشَ الذِّرَاعَيْنِ وَانِياً[1]
[1] حام: أمر من المحاماة. و القنابل: الجماعة من الناس، الواحدة قنبلة و قنبل بفتح-