فَلَمْ يَكُنْ يَسَعُ أَحَداً مِنَ الْفَرِيقَيْنِ تَرْكُ كِتَابِ اللَّهِ وَ السُّنَّةِ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي صِفَةِ عَدُوِّهِ وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ كِتَابِهِ وَ هُوَ مُقِرٌّ بِتَنْزِيلِهِ حَامِلٌ لِمِيثَاقِهِ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَ هُمْ مُعْرِضُونَ وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُعَيِّرُهُمْ بِذَلِكَ- أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَ مَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ رَضُوا بِكِتَابِي وَ رَسُولِي ثُمَّ أَنْزَلَ إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يَعْنِي أَنَّهُمْ أَصَابُوا حَقَائِقَ الْإِيمَانِ وَ الصُّلْحِ فَلَمْ يَسَعْ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا الْكَفُّ بَعْدَ تَوْكِيدِهِمْ الْمِيثَاقَ وَ ضَرْبِهِمُ الْأَجَلَ وَ الرِّضَا بِأَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ رَجُلَانِ بِكِتَابِ اللَّهِ فِيمَا تَنَازَعَ فِيهِ عِبَادُ اللَّهِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْهُمْ سَبِيلَ الْمُحِقِّ مِنَ الْمُبْطِلِ أَلَّا يُغِيرَ بِمُؤْمِنٍ غَائِبٍ بِرِضَا غَوِيٍ[1] أَوْ عَمٍ[2] غَيْرِ مُهْتَدٍ فَيُسَمَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ كُلٍّ بِاسْمِهِ حَتَّى يُقِرَّهُ الْكِتَابُ[3] عَلَى مَنْزِلَتِهِ.
قَالَ: فَنَادَتِ الْخَوَارِجُ أَيْضاً فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ: لَا حَكَمَ إِلَّا اللَّهُ لَا نَرْضَى بِأَنْ تُحَكَّمَ الرِّجَالُ فِي دِينِ اللَّهِ قَدْ أَمْضَى اللَّهُ حُكْمَهُ فِي مُعَاوِيَةَ وَ أَصْحَابِهِ أَنْ يُقْتَلُوا أَوْ يَدْخُلُوا مَعَنَا فِي حُكْمِنَا عَلَيْهِمْ وَ قَدْ كَانَتْ مِنَّا خَطِيئَةٌ وَ زَلَّةٌ حِينَ رَضِينَا بِالْحَكَمَيْنِ وَ قَدْ تُبْنَا إِلَى رَبِّنَا وَ رَجَعْنَا عَنْ ذَلِكَ فَارْجِعْ كَمَا رَجَعْنَا وَ إِلَّا فَنَحْنُ مِنْكَ بِرَاءٌ فَقَالَ عَلِيٌّ «وَيْحَكُمْ بَعْدَ الرِّضَا وَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ أَرْجِعَ؟ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها-
[1] كذا وردت هذه العبارة.
[2] في الأصل:« عمى».
[3] في الأصل:« يفرده الكتاب».