فَإِنْ قُلْتَ: إِنِّي لَسْتُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَابْعَثْ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ[1] وَ ابْعَثْنِي مَعَهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: «إِنَّ الْقَوْمَ أَتَوْنِي بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ مُبَرْنَساً فَقَالُوا[2]: ابْعَثْ هَذَا فَقَدْ رَضِينَا بِهِ وَ اللَّهُ بَالِغُ أَمْرِهِ.» وَ ذَكَرُوا أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ قَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ وَافِدُ أَهْلِ الْيَمَنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ صَاحِبُ مَقَاسِمِ أَبِي بَكْرٍ[3] وَ عَامِلُ عُمَرَ وَ قَدْ رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ وَ عَرَضْنَا عَلَى الْقَوْمِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ مِنْكَ ظَنُونٌ فِي أَمْرِكَ[4].
فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ فَبَعَثَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ الْأَسَدِيُّ وَ هُوَ مُعْتَزِلٌ لِمُعَاوِيَةَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ وَ كَانَ هَوَاهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ:
لَوْ كَانَ لِلْقَوْمِ رَأْيٌ يُعْصَمُونَ بِهِ
مِنَ الضَّلَالِ رَمَوْكُمْ بِابْنِ عَبَّاسٍ[5]
لِلَّهِ دَرُّ أَبِيهِ أَيِّمَا رَجُلٍ
مَا مِثْلُهُ لِفِصَالِ الْخَطْبِ فِي النَّاسِ
لَكِنْ رَمَوْكُمْ بِشَيْخٍ مِنْ ذَوِي يَمَنٍ
لَمْ يَدْرِ مَا ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسِ
إِنْ يَخْلُ عَمْرٌو بِهِ يَقْذِفْهُ فِي لُجَجِ
يَهْوِي بِهِ النَّجْمُ تَيْساً بَيْنَ أَتْيَاسِ
أَبْلِغْ لَدَيْكَ عَلِيّاً غَيْرَ عَاتِبِهِ[6]
قَوْلَ امْرِئٍ لَا يَرَى بِالْحَقِّ مِنْ بَأْسِ
مَا الْأَشْعَرِيُّ بِمَأْمُونٍ أَبَا حَسَنِ
فَاعْلَمْ هُدِيْتَ وَ لَيْسَ الْعَجْزِ كَالرَّأْسِ
فَاصْدِمْ بِصَاحِبِكَ الْأَدْنَى زَعِيمَهُمُ
إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ عَبَّاسٍ هُوَ الْآسِي.
[1]« غير عبد اللّه بن قيس» ليست في ح.
[2] في الأصل:« فقال» صوابه في ح.
[3] صاحب المقاسم: الذي يتولى أمر قسمة المغانم و نحوها.
[4] الظنون كالظنين: المتهم.
[5] في الأصل:« يعظمون به* بعد الخطار» صوابه في ح.
[6] في الأصل:« غير عائبه» و أثبت ما في ح( 1: 190).