الْقُرْآنِ فَإِنْ شِئْتَ أَتَيْتَ مُعَاوِيَةَ فَسَأَلْتَهُ مَا يُرِيدُ وَ نَظَرْتَ مَا الَّذِي يَسْأَلُ.
قَالَ: «ائْتِهِ إِنْ شِئْتَ» فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ لِأَيِّ شَيْءٍ رَفَعْتُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ؟ قَالَ: لِنَرْجِعَ نَحْنُ وَ أَنْتُمْ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ[1] فَابْعَثُوا مِنْكُمْ رَجُلًا تَرْضَوْنَ بِهِ وَ نَبْعَثُ مِنَّا رَجُلًا ثُمَّ نَأْخُذُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَعْمَلَا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ لَا يَعْدُوَانِهِ ثُمَّ نَتَّبِعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَقَالَ الْأَشْعَثُ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ فَانْصَرَفَ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَ: وَ قَالَ النَّاسُ قَدْ رَضِينَا وَ قَبِلْنَا فَبَعَثَ عَلِيٌّ قُرَّاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ قُرَّاءَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَاجْتَمَعُوا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ مَعَهُمُ الْمُصْحَفُ فَنَظَرُوا فِيهِ وَ تَدَارَسُوهُ وَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُحْيُوا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ وَ أَنْ يُمِيتُوا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ ثُمَّ رَجَعَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ قَالَ النَّاسُ: قَدْ رَضِينَا بِحُكْمِ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: فَإِنَّا قَدْ رَضِينَا وَ اخْتَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ قَالَ الْأَشْعَثُ وَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ صَارُوا خَوَارِجَ فِيمَا بَعْدُ: فَإِنَّا قَدْ رَضِينَا وَ اخْتَرْنَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ- فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: «إِنِّي لَا أَرْضَى بِأَبِي مُوسَى وَ لَا أَرَى أَنْ أُوَلِّيَهُ» فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ[2] وَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ-: إِنَّا لَا نَرْضَى إِلَّا بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَذَّرَنَا مَا وَقَعْنَا فِيهِ قَالَ عَلِيٌّ: «فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي بِرِضاً وَ قَدْ فَارَقَنِي وَ خَذَّلَ النَّاسَ عَنِّي[3] ثُمَّ هَرَبَ حَتَّى أَمَّنْتُهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ وَ لَكِنَّ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أُوَلِّيهِ ذَلِكَ» قَالُوا: وَ اللَّهِ مَا نُبَالِي أَ كُنْتَ أَنْتَ أَوْ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ لَا نُرِيدُ إِلَّا رَجُلًا هُوَ مِنْكَ وَ مِنْ مُعَاوِيَةَ سَوَاءً وَ لَيْسَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِأَدْنَى مِنَ الْآخَرِ قَالَ عَلِيٌّ: «فَإِنِّي أَجْعَلُ الْأَشْتَرَ.» قَالَ نَصْرٌ قَالَ عَمْرٌو فَحَدَّثَنِي أَبُو جَنَابٍ قَالَ: قَالَ الْأَشْعَثُ وَ هَلْ سَعَّرَ
[1] ح:« به فيها».
[2] هو زيد بن حصين الطائى، ذكره ابن حجر في الإصابة 2887. و قد سبقت خطبة له في ص 99، و انظر أيضا ص 100. و في الأصل« يزيد بن حصن» و الصواب ما أثبت من ح.
[3] التخذيل: حمل الرجل على خذلان صاحبه، و تثبيطه عن نصرته.