لَقِيَهُ وَ صَفَحَ عَنْهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِيمَا كَانَ أَشَارَ بِهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ-
أَلَا لِلَّهِ دَرُّكٌ يَا ابْنِ هِنْدٍ
وَ دَرُّ الْآمِرِينَ لَكَ الشُّهُودِ
أَ تَطْمَعُ لَا أَبَا لَكَ فِي عَلِيٍ
وَ قَدْ قُرِعَ الْحَدِيدِ عَلَى الْحَدِيدِ
وَ تَرْجُو أَنْ تُحَيِّرَهُ بِشَكٍ
وَ تَرْجُو أَنْ يَهَابَكَ بِالْوَعِيدِ[1]
وَ قَدْ كَشَفَ الْقِنَاعَ وَ جَرَّ حَرْباً
يَشِيبُ لِهَوْلِهَا رَأْسُ الْوَلِيدِ
لَهُ جَأْوَاءُ مَظْلِمَةٌ طَحُونُ
فَوَارِسُهَا تَلَهَّبُ كَالْأُسُودِ[2]
يَقُولُ لَهَا إِذَا دَلَفَتْ إِلَيْهِ
وَ قَدْ مَلَّتْ طِعَانُ الْقَوْمِ عُودِيِ[3]
فَإِنْ وَرَدَتْ فَأَوَّلُهَا وُرُوداً
وَ إِنْ صَدَّتْ فَلَيْسَ بِذِي صُدُودِ[4]
وَ مَا هِيَ مِنْ أَبِي حَسَنٍ بِنُكْرٍ
وَ مَا هِيَ مِنْ مَسَائِكَ بِالْبَعِيدِ
وَ قُلْتَ لَهُ مَقَالَةَ مُسْتَكِينٍ
ضَعِيفِ الرُّكْنِ مُنْقَطِعِ الْوَرِيدِ
دَعَنَّ الشَّامَ حَسْبُكَ يَا ابْنِ هِنْدٍ
مِنَ السَّوْءَاتِ وَ الرَّأْيِ الزَّهِيدِ
وَ لَوْ أَعْطَاكَهَا مَا ازْدَدْتَ عِزّاً
وَ لَا لَكَ لَوْ أَجَابَكَ مِنْ مَزِيدٍ
وَ لَمْ تَكْسِرْ بِذَاكَ الرَّأْيِ عُوداً
لِرِكَّتِهِ وَ لَا مَا دُونَ عُودٍ.
فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ قَوْلُ عَمْرِو دَعَاهُ فَقَالَ: يَا عَمْرُو إِنَّنِي قَدْ أَعْلَمُ مَا أَرَدْتَ بِهَذَا قَالَ: مَا أَرَدْتُ قَالَ أَرَدْتَ تَفْيِيلَ رَأْيِي وَ إِعْظَامَ عَلِيٍّ وَ قَدْ فَضَحَكَ قَالَ: أَمَّا تَفْيِيلِي رَأْيَكَ فَقَدْ كَانَ وَ أَمَّا إِعْظَامِي عَلِيّاً فَإِنَّكَ بِإِعْظَامِهِ أَشَدُّ مَعْرِفَةً مِنِّي وَ لَكِنَّكَ تَطْوِيهِ وَ أَنَا أَنْشُرُهُ وَ أَمَّا فَضِيحَتِي فَلَمْ يَفْتَضِحْ امْرُؤٌ لَقِيَ أَبَا حَسَنٍ.
[1] في الأصل:« أن تخبره» صوابه في ح( 3: 424). و في ح أيضا:« و تأمل أن يهابك».
[2] الجأواء: الكتيبة يعلوها لون السواد لكثرة الدروع.
[3] ح:« إذا رجعت إليه».
[4] في الأصل:« و إن صدرت» و أثبت ما في ح.