بْنِ أَرْطَاةَ: أَ تَقُومُ لِمُبَارَزَتِهِ؟ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَا مِنْكَ وَ إِذْ أَبَيْتُمُوهُ فَأَنَا لَهُ.
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ أَمَا إِنَّكَ سَتَلْقَاهُ فِي الْعَجَاجَةِ غَداً فِي أَوَّلِ الْخَيْلِ وَ كَانَ عِنْدَ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ قَدْ قَدِمَ مِنْ الْحِجَازِ يَخْطُبُ ابْنَتَهُ فَأَتَى بُسْراً فَقَالَ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ أَنَّكَ وَعَدْتَ مِنْ نَفْسِكَ أَنْ تُبَارِزَ عَلِيّاً أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الْوَالِيَ مِنْ بَعْدِ مُعَاوِيَةَ عُتْبَةُ ثُمَّ بَعْدَهُ مُحَمَّدٌ أَخُوهُ وَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ قِرْنٌ لِعَلِيٍ[1] فَمَا يَدْعُوكَ إِلَى مَا أَرَى؟ قَالَ: الْحَيَاءُ خَرَجَ مِنِّي كَلَامٌ[2] فَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَرْجِعَ عَنْهُ.
فَضَحِكَ الْغُلَامُ وَ قَالَ فِي ذَلِكَ-:
تُنَازِلُهُ يَا بُسْرُ إِنْ كُنْتَ مِثْلَهُ
وَ إِلَّا فَإِنَّ اللَّيْثَ لِلضَّبْعِ آكِلُ[3]
كَأَنَّكَ يَا بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ جَاهِلٌ
بِآثَارِهِ فِي الْحَرْبِ أَوْ مُتَجَاهِلُ
مُعَاوِيَةُ الْوَالِي وَ صِنْوَاهُ بَعْدَهُ
وَ لَيْسَ سَوَاءً مُسْتَعَارٌ وَ ثَاكِلُ
أُولَئِكَ هُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْكَ إِنَّهُ
عَلِيٌّ فَلَا تَقْرَبْهُ أُمُّكَ هَابِلُ
مَتَى تَلْقَهُ فَالْمَوْتُ فِي رَأْسِ رُمْحِهِ
وَ فِي سَيْفِهِ شُغْلٌ لِنَفْسِكَ شَاغِلٌ
وَ مَا بَعْدَهُ فِي آخِرِ الْحَرْبِ عَاطِفٌ
وَ لَا قَبْلَهُ فِي أَوَّلِ الْخَيْلِ حَامِلٌ[4].
فَقَالَ بُسْرٌ: هَلْ هُوَ إِلَّا الْمَوْتُ؟ لَا بُدَّ وَ اللَّهِ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَغَدَا عَلِيٌّ ع مُنْقَطِعاً مِنْ خَيْلِهِ وَ مَعَهُ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ يُرِيدُ التَّلَّ وَ هُوَ يَقُولُ-: «
إِنِّي عَلِيٌّ فَاسْأَلُوا لِتُخْبَرُوا
ثُمَّ ابْرُزُوا إِلَى الْوَغَى أَوْ أَدْبِرُوا
سَيْفِي حُسَامٌ وَ سِنَانِي أَزْهَرُ
مِنَّا النَّبِيُّ الطَّيِّبُ الْمُطَهَّرُ
[1] في الأصل: «و كل هؤلاء من قرن لعلى» صوابه في ح.
[2] في الأصل: «شيء» و الوجه ما أثبت من ح (2: 300).
[3] ح: «للشاة آكل».
[4] عاطف، أراد به الذي يحمى المنهزمين. و في اللسان: «و رجل عطوف و عطاف» يحمى المنهزمين». و في الأصل: «خاطف» موضع «عاطف» صوابه في ح.