فَلْيُبَكِّيهِ نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ
مِنْ يَثْرِبَ وَ أَهْلِ قُبَاءِ
رَحِمَ اللَّهُ عُرْوَةَ الْخَيْرِ ذَا النَّجْدَةِ
وَ ابْنَ الْقَمَاقِمِ النُّجَبَاءِ
أَرْهَقَتْهُ الْمَنُونُ فِي قَاعِ صِفِّينَ
صَرِيعاً قَدْ غَابَ فِي الْجَرْبَاءِ[1]
غَادَرَتْهُ الْكُمَاةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ
وَ مِنَ التَّابِعِينَ وَ النُّقَبَاءِ.
وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُ
عُرْوَ يَا عُرْوَ قَدْ لَقِيتَ حِمَاماً
إِذْ تَقَحَّمْتَ فِي حِمَى اللَّهَوَاتِ
أَ عَلِيّاً لَكَ الْهَوَانُ تُنَادِي
ضَيْغَماً فِي أَيَاطِلِ الْحَوْمَاتِ
إِنَّ لِلَّهِ فَارِساً كَأَبِي الشِّبْلَيْنِ
مَا إِنْ يَهُولُهُ الْمُتْلِفَاتْ[2]
مُؤْمِناً بِالْقَضَاءِ مُحْتَسِباً بِالْخَيْرِ
يَرْجُو الثَّوَابَ بِالسَّابِقَاتْ
لَيْسَ يَخْشَى كَرِيهَةً فِي لِقَاءِ
لَا وَ لَا مَا يَجِي بِهِ الْآفَاتْ
فَلَقَدْ ذُقْتَ فِي الْجَحِيمِ نَكَالًا
وَ ضِرَابَ الْمَقَامِعِ الْمُحْمَيَاتْ
يَا ابْنَ دَاوُدَ قَدْ وَقَيْتَ ابْنَ هِنْدٍ
أَنْ يَكُونَ الْقَتِيلَ بِالْمُقْفِرَاتِ.
قَالَ وَ حَمَلَ ابْنُ عَمِّ أَبِي دَاوُدَ عَلَى عَلِيٍّ فَطَعَنَهُ فَضَرَبَ الرُّمْحَ فَبَرَاهُ ثُمَّ قَنَّعَهُ ضَرْبَةً فَأَلْحَقَهُ بِأَبِي دَاوُدَ وَ مُعَاوِيَةُ وَاقِفٌ عَلَى التَّلِّ يُبْصِرُ وَ يُشَاهِدُ فَقَالَ: تَبّاً لِهَذِهِ الرِّجَالِ وَ قُبْحاً أَ مَا فِيهِمْ مَنْ يَقْتُلُ هَذَا مُبَارَزَةً أَوْ غَيْلَةً أَوْ فِي اخْتِلَاطِ الْفَيْلَقِ وَ ثَوَرَانِ النَّقْعِ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ: ابْرُزْ إِلَيْهِ أَنْتَ فَإِنَّكَ أَوْلَى النَّاسِ بِمُبَارَزَتِهِ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ دَعَانِي إِلَى الْبِرَازِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ قُرَيْشٍ وَ إِنِّي وَ اللَّهِ لَا أَبْرُزُ إِلَيْهِ مَا جَعَلَ الْعَسْكَرَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّئِيسِ إِلَّا وِقَايَةً لَهُ فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: الْهَوْا عَنْ هَذَا كَأَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا نِدَاءَهُ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَتَلَ حُرَيْثاً وَ فَضَحَ عَمْراً وَ لَا أَرَى أَحَداً يَتَحَكَّكُ بِهِ إِلَّا قَتَلَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِبُسْرِ
[1] الجرباء: الأرض الممحلة المقحوطة. و في الأصل:« قد عاين الحوباء».
[2] في الأصل:« ليس للّه فارس».