بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَنْ تُنَاصِحَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْ تُقَاتِلَ مَعَهُ الْمُحِلِّينَ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَقُّ أَوْ تَلْحَقَ بِاللَّهِ وَ أَبْلِغْهُ عَنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُ: قَاتِلْ عَلَى الْمَعْرَكَةِ حَتَّى تَجْعَلَهَا خَلْفَ ظَهْرِكَ فَإِنَّهُ مَنْ أَصْبَحَ وَ الْمَعْرَكَةُ خَلْفَ ظَهْرِهِ كَانَ الْغَالِبَ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فَأَقْبَلَ الْأَسْوَدُ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «رَحِمَهُ اللَّهُ جَاهَدَ مَعَنَا عَدُوَّنَا فِي الْحَيَاةِ وَ نَصَحَ لَنَا فِي الْوَفَاةِ» ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً غَلَّسَ بِالنَّاسِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَ أَعْلَامِهِمْ وَ زَحَفَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الشَّامِ.
[بعض مبارزات علي ع بصفين و وقائع أخرى]
قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ وَ الْحَارِثِ بْنِ أَدْهَمَ أَنَّ أَبْرَهَةَ بْنَ الصَّبَّاحِ بْنِ أَبْرَهَةَ الْحِمْيَرِيَّ قَامَ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْيَمَنِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ أَنْ قَدْ أُذِنَ بِفَنَائِكُمْ وَيْحَكُمْ خَلُّوا بَيْنَ هَذَيْنِ الرِّجْلَيْنِ فَلْيَقْتَتِلَا فَأَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ مِلْنَا مَعَهُ جَمِيعاً وَ كَانَ أَبْرَهَةُ مِنْ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً فَقَالَ: «صَدَقَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِخُطْبَةٍ مُنْذُ وَرَدْتُ الشَّامَ أَنَا بِهَا أَشَدُّ سُرُوراً مِنِّي بِهَذِهِ» وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ كَلَامُ أَبْرَهَةَ فَتَأَخَّرَ آخِرَ الصُّفُوفِ وَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: إِنِّي لَأَظُنُّ أَبْرَهَةَ مُصَاباً فِي عَقْلِهِ فَأَقْبَلَ أَهْلُ الشَّامِ يَقُولُونَ وَ اللَّهِ إِنَّ أَبْرَهَةَ لَأَفْضَلُنَا دِيناً وَ رَأْياً وَ بَأْساً وَ لَكِنَّ مُعَاوِيَةَ كَرِهَ مُبَارَزَةَ عَلِيٍّ فَقَالَ أَبْرَهَةُ فِي ذَلِكَ:
لَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبْرَهَةَ مَقَالًا
وَ خَالَفَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ
لِأَنَّ الْحَقَّ أَوْضَحُ مِنْ غُرُورٍ
مُلَبَّسَةً غَرَائِضُهُ بِحَقْبٍ[1]
رَمَى بِالْفَيْلَقَيْنِ بِهِ جِهَاراً
وَ أَنْتُمْ وُلْدُ قَحْطَانٍ بِحَرْبٍ
فَخَلُّوا عَنْهُمَا لَيْثَيْ عِرَاكٍ
فَإِنَّ الْحَقَّ يَدْفَعُ كُلَّ كِذْبٍ
وَ مَا إِنْ يَعْتَصِمْ يَوْماً بِقَوْلٍ
ذَوُو الْأَرْحَامِ إِنَّهُمْ لَصَحْبِي
[1] كذا ورد هذا الشطر. و انظر أواخر ص 441.