فَدَعَانِي لَهُ ابْنُ هِنْدٍ وَ مَا زَالَ
قَلِيلًا فِي صَحْبِهِ أَمْثَالِي[1]
فَتَنَاوَلْتُهُ بِبَادِرَةِ الرُّمْحِ
وَ أَهْوِي بِأَسْمَرٍ عَسَّالٍ
فَاطَّعَنَّا وَ ذَاكَ مِنْ حَدَثِ الدَّهْرِ
عَظِيمٌ فَتًى لِشَيْخٍ بَجَالِ[2]
شَاجِراً بِالْقَنَاةِ صَدْرَ أَبِيهِ
وَ عَظِيمٌ عَلَيَّ طَعْنُ أُثَالِ
لَا أُبَالِي حِينَ اعْتَرَضْتُ أُثَالًا
وَ أُثَالٌ كَذَاكَ لَيْسَ يُبَالِي
فَافْتَرَقْنَا عَلَى السَّلَامَةِ وَ النَّفْسُ
يَقِيهَا مُؤَخَّرُ الْآجَالِ
لَا يَرَانِي عَلَى الْهُدَى وَ أَرَاهُ
مِنْ هُدَايَ عَلَى سَبِيلِ ضَلَالِ.
فَلَمَّا انْتَهَى شَعْرُهُ إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ أُثَالٌ: وَ كَانَ مُجْتَهِداً مُسْتَبْصِراً-
إِنَّ طَعْنِي وَسْطَ الْعَجَاجَةِ حَجْلًا
لَمْ يَكُنْ فِي الَّذِي نَوَيْتُ عُقُوقاً
كُنْتُ أَرْجُو بِهِ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ
وَ كَوْنِي مَعَ النَّبِيِّ رَفِيقاً
لَمْ أَزَلْ أَنْصُرُ الْعِرَاقَ عَلَى الشَّامِ[3]
أَرَانِي بِفِعْلِ ذَاكَ حَقِيقاً
قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ إِذْ عَظُمَ الْخَطْبُ
وَ نَقَّ الْمُبَارِزُونَ نَقِيقاً
مِنْ فَتًى يَأْخُذُ الطَّرِيقَ إِلَى اللَّهِ
فَكُنْتُ الَّذِي أَخَذْتُ الطَّرِيقَا[4]
حَاسِرَ الرَّأْسِ لَا أُرِيدُ سِوَى الْمَوْتِ
أَرَى كُلَّ مَا يَرَوْنَ دَقِيقاً[5]
فَإِذَا فَارِسٌ تَقَحَّمَ فِي الَنَّقْعِ
خِدَبّاً مِثْلَ السَّحُوقِ عَتِيقاً[6]
فَبَدَانِي حَجْلٌ بِبَادِرَةِ الطَّعْنِ
وَ مَا كُنْتُ قَبْلَهَا مَسْبُوقاً
[1] في الأصل: «و ما ذاك قليلا» صوابه في ح.
[2] البجال، بالفتح: الكبير العظيم. ح: «بشيخ بجال».
[3] في الأصل: «من الشام» و أثبت ما في ح.
[4] ح: «يسلك الطريق» و «سلكت الطريق».
[5] ح: «أرى الأعظم الجليل دقيقا».
[6] الخدب: الضخم العظيم. و السحوق: النخلة الطويلة.