هَمْدَانَ[1] فَخَرَجَتْ خَيْلٌ عَظِيمَةٌ فَلَمَّا رَآهَا عَلِيٌّ عَرَفَ أَنَّهَا عُيُونُ الرِّجَالِ فَنَادَى: «يَا لَهَمْدَانُ» فَأَجَابَهُ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع: «احْمِلْ» فَحَمَلَ حَتَّى خَالَطَ الْخَيْلَ وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ حَطَّمَتْهُمْ هَمْدَانُ حَتَّى أَلْحَقُوهُمْ بِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ: مَا لَقِيتُ مِنْ هَمْدَانَ وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً وَ أَسْرَعَ فِي فُرْسَانِ أَهْلِ الشَّامِ الْقَتْلُ وَ جَمَعَ عَلِيٌّ هَمْدَانَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ هَمْدَانَ أَنْتُمْ دِرْعِي وَ رُمْحِي يَا هَمْدَانُ مَا نَصَرْتُمْ إِلَّا اللَّهَ وَ لَا أَجَبْتُمْ غَيْرَهُ» فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ: أَجَبْنَا اللَّهَ وَ أَجَبْنَاكَ[2] وَ نَصَرْنَا نَبِيَّ اللَّهِ ص فِي قَبْرِهِ وَ قَاتَلْنَا مَعَكَ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكَ فَارْمِ بِنَا حَيْثُ أَحْبَبْتَ..
[إعجاب علي بقتال همدان]
قَالَ نَصْرٌ: وَ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ عَلِيٌّ ع:
«
وَ لَوْ كُنْتُ بَوَّاباً عَلَى بَابِ جَنَّةٍ
لَقُلْتُ لِهَمْدَانَ ادْخُلِي بِسَلَامِ
» فَقَالَ عَلِيٌّ ع لِصَاحِبِ لِوَاءِ هَمْدَانَ: اكْفِنِي أَهْلَ حِمْصٍ فَإِنِّي لَمْ أَلْقَ مِنْ أَحَدٍ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ».
فَتَقَدَّمَ وَ تَقَدَّمَتْ هَمْدَانُ وَ شَدُّوا شِدَّةً وَاحِدَةً عَلَى أَهْلِ حِمْصٍ فَضَرَبُوهُمْ ضَرْباً شَدِيداً مُتَدَارِكاً بِالسُّيُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ حَتَّى أَلْجَئُوهُمْ إِلَى قُبَّةِ مُعَاوِيَةَ وَ ارْتَجَزَ مِنْ هَمْدَانَ رَجُلٌ [عِدَادَهُ][3] فِي أَرْحَبَ وَ هُوَ يَقُولُ:
قَدْ قَتَلَ اللَّهُ رِجَالَ حِمْصٍ
حِرْصاً عَلَى الْمَالِ وَ أَيَّ حِرْصٍ
غُرُّوا بِقَوْلِ كَذِبٍ وَ خَرْصٍ
قَدْ نَكَصَ الْقَوْمُ وَ أَيَّ نَكْصٍ[4]
عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ فَحْوَى النَّصِّ.
[1] ح:« على هذا الحى من همدان».
[2] في الأصل:« أجبنا اللّه و أنت» صوابه في ح.
[3] أي عدده و نسبته. و موضع هذه الكلمة بياض في الأصل.
[4] الخرص: الكذب؛ و الخراص: الكذاب. ح:« و حرص» تحريف.