لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي مِصْرٍ لَقَدْ جَلَبَتْ
شَرّاً وَ حَظُّكَ مِنْهَا حُسْوَةُ الْكَأْسِ
يَا عَمْرُو إِنَّكَ عَارٍ مِنْ مَغَارِمِهَا
وَ الرَّاقِصَاتِ وَ مِنْ يَوْمِ الْجَزَا كَاسِي.
ثُمَّ عَرَضَ الشِّعْرَ وَ الْكِتَابَ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: «لَا أَرَاهُ يُجِيبُكَ بِشَيْءٍ بَعْدَهَا إِنْ كَانَ يَعْقِلُ وَ لَعَلَّهُ يَعُودُ فَتَعُودَ عَلَيْهِ» فَلَمَّا انْتَهَى الْكِتَابُ إِلَى عَمْرٍو أَتَى بِهِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَنْتَ دَعَوْتَنِي إِلَى هَذَا مَا كَانَ أَغْنَانِي وَ إِيَّاكَ عَنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: إِنَّ قَلْبَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ قَلْبَ عَلِيٍّ قَلْبٌ وَاحِدٌ كِلَاهُمَا وَلَدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ إِنْ كَانَ قَدْ خَشُنَ فَلَقَدْ لَانَ وَ إِنْ كَانَ قَدْ تَعَظَّمَ أَوْ عَظَّمَ صَاحِبَهُ فَلَقَدْ قَارَبَ وَ جَنَحَ إِلَى السِّلْمِ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يُكَاتِبُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ كَانَ يُجِيبُهُ بِقَوْلٍ لَيِّنٍ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْظُمَ الْحَرْبُ فَلَمَّا قُتِلَ أَهْلُ الشَّامِ قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَ أَنَا كَاتِبٌ إِلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ بَنِي هَاشِمٍ لَنَا وَ أُخَوِّفُهُ عَوَاقِبَ هَذِهِ الْحَرْبِ لَعَلَّهُ يَكُفُّ عَنَّا فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ لَسْتُمْ إِلَى أَحَدٍ أَسْرَعَ بِالْمَسَاءَةِ مِنْكُمْ إِلَى أَنْصَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَتَّى إِنَّكُمْ قَتَلْتُمْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ لِطَلَبِهِمَا دَمَهُ وَ اسْتِعْظَامِهِمَا مَا نِيلَ مِنْهُ فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ لِسُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ وَلِيَهَا عَدِيٌّ وَ تَيْمٌ فَلَمْ تُنَافِسُوهُمْ وَ أَظْهَرْتُمْ لَهُمُ الطَّاعَةَ وَ قَدْ وَقَعَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ تَرَى وَ أَكَلَتْ هَذِهِ الْحُرُوبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ حَتَّى اسْتَوَيْنَا فِيهَا فَمَا أَطْمَعَكُمْ فِينَا أَطْمَعَنَا فِيكُمْ وَ مَا آيَسَكُمْ مِنَّا آيَسَنَا مِنْكُمْ وَ قَدْ رَجَوْنَا غَيْرَ الَّذِي كَانَ وَ خَشِينَا دُونَ مَا وَقَعَ وَ لَسْتُمْ بِمُلَاقِينَا الْيَوْمَ بِأَحَدَّ مِنْ حَدِّ أَمْسِ وَ لَا غَداً بِأَحَدَّ مِنْ حَدِّ الْيَوْمِ وَ قَدْ قَنِعْنَا بِمَا كَانَ فِي أَيْدِينَا مِنْ مُلْكِ الشَّامِ فَاقْنَعُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ مُلْكِ الْعِرَاقِ وَ أَبْقُوا عَلَى قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ رِجَالِهَا سِتَّةٌ رَجُلَانِ بِالشَّامِ وَ رَجُلَانِ بِالْعِرَاقِ وَ رَجُلَانِ بِالْحِجَازِ فَأَمَّا اللَّذَانِ بِالشَّامِ فَأَنَا وَ عَمْرٌو وَ أَمَّا اللَّذَانِ بِالْعِرَاقِ فَأَنْتَ وَ عَلِيٌّ وَ أَمَّا اللَّذَانِ بِالْحِجَازِ فَسَعْدٌ وَ ابْنُ عُمَرَ وَ اثْنَانِ مِنَ السِّتَّةِ نَاصِبَانِ لَكَ-