وَ تَقَدَّمَ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ-
حَرْبٌ بِأَسْبَابِ الرَّدَى تَأَجَّجُ
يَهْلِكُ فِيهَا الْبَطَلُ الْمُدَجِّجُ
يَكْفِيكَهَا هَمْدَانُهَا وَ مَذْحِجٌ
قَوْمٌ إِذَا مَا أَحْمَشُوهَا أُنْضَجُوا[1]
رُوحُوا إِلَى اللَّهِ وَ لَا تُعَرِّجُوا
دِيْنٌ قَوِيمٌ وَ سَبِيلٌ مُنْهَجُ.
وَ حَمَلَ النَّاسُ حَمْلَةً وَاحِدَةً فَلَمْ يَبْقَ لِأَهْلِ الشَّامِ صَفٌّ إِلَّا انْتَقَضَ وَ أَهْمَدُوا مَا أَتَوْا عَلَيْهِ[2] حَتَّى أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَى مِضْرَبِ مُعَاوِيَةَ[3]- وَ عَلِيٌّ يَضْرِبُهُمْ بِسَيْفِهِ وَ يَقُولُ-:
«
أَضْرِبُهُمْ وَ لَا أَرَى مُعَاوِيَهْ
الْأَخْزَرِ الْعَيْنِ الْعَظِيمِ الْحَاوِيَهْ
هَوَتْ بِهِ فِي النَّارِ أُمُّ هَاوِيَهْ
» فَدَعَا مُعَاوِيَةُ بِفَرَسِهِ لِيَنْجُوَ عَلَيْهِ فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ تَمَثَّلَ بِأَبْيَاتِ عَمْرِو بْنِ الْإِطْنَابَةِ[4]-
أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَ أَبَى بَلَائِي
وَ أَخْذِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
وَ إِجْشَامِي[5] عَلَى الْمَكْرُوهِ نَفْسِي
وَ ضَرْبِي هَامَةَ الْبَطَلِ الْمُشِيحِ
وَ قَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَ جَاشَتْ
مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي
لِأَدْفَعَ عَنْ مَآثِرِ صَالِحَاتٍ
وَ أَحْمِيَ بَعْدُ عَنْ عِرْضٍ صَحِيحٍ
بِذِي شَطَبٍ كَلَوْنِ الْمِلْحِ صَافٍ
وَ نَفْسٍ مَا تَقَرُّ عَلَى الْقَبِيحِ.
وَ قَالَ يَا ابْنَ الْعَاصِ الْيَوْمَ صَبْرٌ وَ غَداً فَخْرٌ صَدَقْتَ إِنَّا وَ مَا نَحْنُ
[1] في الأصل:« انقبجوا». و المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
[2] ح( 2: 286):« و أهمد أهل العراق ما أتوا عليه».
[3] المضرب، بكسر الميم: فسطاط الملك.
[4] سبق إنشاد الأبيات في ص 395.
[5] في الأصل:« و إعظامى على المكروه» و انظر ما سبق في ص 395.