وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَصُبَّرٌ عِنْدَ الْمَوْتِ أَشِدَّاءُ عِنْدَ الْقِتَالِ.
وَ رَكِبَ عَلِيٌّ ع فَرَسَهُ الَّذِي كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ:
الْمُرْتَجَزُ [فَرَكِبَهُ] ثُمَّ تَقَدَّمَ[1] [أَمَامَ الصُّفُوفِ ثُمَّ قَالَ: «بَلِ الْبَغْلَةَ بَلِ الْبَغْلَةَ».
فَقُدِّمَتْ لَهُ] بَغْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص الشَّهْبَاءُ فَرَكِبَهَا ثُمَّ تَعَصَّبَ بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ السَّوْدَاءِ ثُمَّ نَادَى: «أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ يَشْرِ نَفْسَهُ لِلَّهِ يَرْبَحْ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ إِنَّ عَدُوَّكُمْ قَدْ مَسَّهُ الْقَرْحُ كَمَا مَسَّكُمْ»[2].
فَانْتَدَبَ لَهُ مَا بَيْنَ عَشْرَةِ آلَافٍ[3] إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً قَدْ وَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَ تَقَدَّمَهُمْ عَلِيٌّ مُنْقَطِعاً عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ يَقُولُ:
«
دِبُّوا دَبِيبَ النَّمْلِ لَا تَقُوتُوا
وَ أَصْبِحُوا بِحَرْبِكُمْ[4] وَ بِيْتُوا
حَتَّى تَنَالُوا الثَّأْرَ أَوْ تَمُوتُوا
أَوْ لَا فَإِنِّي طَالَمَا عُصِيْتُ
قَدْ قُلْتُمْ لَوْ جِئْتَنَا فَجِيتُ
لَيْسَ لَكُمْ مَا شِئْتُمْ وَ شِيْتُ
بَلْ مَا يُرِيدُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ
».
وَ تَبِعَهُ ابْنُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ بِلِوَائِهِ وَ هُوَ يَقُولُ-:
أَ بَعْدَ عَمَّارٍ وَ بَعْدَ هَاشِمٍ
وَ ابْنِ بُدَيْلٍ فَارِسِ الْمَلَاحِمِ
نَرْجُو الْبَقَاءَ مِثْلَ حُلْمِ الْحَالِمِ
وَ قَدْ عَضَضْنَا أَمْسِ بِالْأَبَاهِمِ
فَالْيَوْمَ لَا نَقْرَعُ سِنَّ نَادِمٍ
لَيْسَ امْرُؤٌ مِنْ يَوْمِهِ[5] بِسَالِمِ.
[1] في الأصل:« ثم قدم على» صوابه من ح.
[2] القرح، بالضم: ألم الجراح، و بالفتح: الجراح بأعيانها. و بهما قرئ قوله تعالى:
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ. انظر اللسان( 3: 392).
[3] في الأصل:« بين العشرة آلاف» صوابه من ح.
[4] ح:« حربكم».
[5] ح:« من حتفه».