أَنَّى لَهُمْ صَرْفُ دَهْرٍ قَدْ أَضَرَّ بِنَا
تَبّاً لِقَاتِلِهِمْ فِي الْيَوْمِ مَدْفُوناً[1]
كَانُوا أَعِزَّةَ قَوْمِي قَدْ عَرَفْتُهُمُ
مَأْوَى الضِّعَافِ وَ هُمْ يُعْطُونَ مَاعُونا
أَعْزِزْ بِمَصْرَعِهِمْ تَبّاً لِقَاتِلِهِمْ
عَلَى النَّبِيِّ وَ طُوبَى لِلْمُصَابِينا.
وَ قَالَ النَّضْرُ بْنُ عَجْلَانَ الْأَنْصَارِيُّ:
قَدْ كُنْتُ عَنْ صِفِّينَ فِيمَا قَدْ خَلَا
وَ جُنُودِ صِفِّينَ لَعَمْرِي غَافِلًا
قَدْ كُنْتُ حَقّاً لَا أُحَاذِرُ فِتْنَةً
وَ لَقَدْ أَكُونُ بِذَاكَ حَقّاً جَاهِلًا
فَرَأَيْتُ فِي جُمْهُورِ ذَلِكَ مُعْظَماً
وَ لَقِيتُ مِنْ لَهَوَاتِ ذَاكَ عَيَاطِلَا[2]
كَيْفَ التَّفَرُّقُ وَ الْوَصِيُّ إِمَامُنَا
لَا كَيْفَ إِلَّا حَيْرَةً وَ تَخَاذُلًا
لَا تَعْتِبُنَّ عُقُولُكُمْ لَا خَيْرَ فِي
مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَلَابِلِ عَاقِلًا
وَ ذَرُوا مُعَاوِيَةَ الْغَوِيَّ وَ تَابِعُوا
دِينَ الْوَصِيِّ تُصَادِفُوهُ عَاجِلًا.
وَ قَالَتْ أَمِينَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ تَرْثِي مَالِكاً:
مَنَعَ الْيَوْمَ أَنْ أَذُوقَ رُقَادا
مَالِكٌ إِذْ مَضَى وَ كَانَ عِمَاداً
يَا أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ تَيْهَانَ إِنِّي
صِرْتُ لِلْهَمِّ مَعْدِناً وَ وِسَاداً
إِذْ غَدَا الْفَاسِقُ الْكَفُورُ عَلَيْهِمْ
إِنَّهُ كَانَ مِثْلَهَا مُعْتَاداً
أَصْبَحُوا مِثْلَ مَنْ ثَوَى يَوْمَ أُحْدٍ
يَرْحَمُ اللَّهُ تِلْكُمُ الْأَجْسَادَا.
وَ قَالَتْ ضُبَيْعَةُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ تَرْثِي أَبَاهَا[3] صَاحِبَ الشَّهَادَتَيْنِ:-
عَيْنُ جُودِي عَلَى خُزَيْمَةَ بِالدَّمْعِ
قَتِيلِ الْأَحْزَابِ يَوْمَ الْفُرَاتِ
قَتَلُوا ذَا الشَّهَادَتَيْنِ عُتُوّاً
أَدْرَكَ اللَّهُ مِنْهُمْ بِالتُّرَابِ
قَتَلُوهُ فِي فِتْيَةٍ غَيْرِ عُزْلٍ
يُسْرِعُونَ الرُّكُوبَ لِلدَّعَوَاتِ
[1] أنى يأنى: حان وقته. و في الأصل: «أنا لهم» تحريف.
[2] يقال هضبة عيطل: طويلة.
[3] في الأصل: «فى خزيمة أباها» صوابه في ح (2: 280).