وَ تَجْرِبَةً لَيْسَتْ لِي وَ لَا لَكَ وَ قَدْ وَلَّيْتُهُ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ فَسِرْ حَتَّى تَقِفَ أَنْتَ وَ خَيْلُكَ عَلَى تَلِّ كَذَا وَ دَعْهُ وَ الْقَوْمَ فَسَارَ أَبُو الْأَعْوَرِ فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ثُمَّ نَادَى ابْنَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: لَبَّيْكَ وَ قَالَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ لَبَّيْكَ قَالَ قَدِّمَا لِي هَذِهِ الدُّرَّعَ وَ أَخِّرَا عَنِّي هَذِهِ الْحُسَّرَ وَ أَقِيمَا الصَّفَّ قُصَّ الشَّارِبِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ جَاءُوا بِخُطَّةٍ بَلَغَتِ السَّمَاءَ فَمَشَيَا بِرَايَاتِهِمَا وَ عَدَّلَا الصُّفُوفَ وَ سَارَ بَيْنَهُمَا عَمْرٌو حَتَّى عَدَّلَ الصُّفُوفَ وَ أَحْسَنَ الصَّفَّ ثَانِيَةً ثُمَّ حَمَلَ قَيْساً وَ كَلْباً وَ كِنَانَةَ عَلَى الْخُيُولِ وَ رَجَّلَ سَائِرَ النَّاسِ وَ قَعَدَ عَلَى مِنْبَرِهِ وَ أَحَاطَ بِهِ أَهْلُ الْيَمَنِ وَ قَالَ لَا يَقْرَبَنَّ هَذَا الْمِنْبَرَ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلْتُمُوهُ كَائِناً مَنْ كَانَ.
[تكتيب الكتائب و تعبية الناس]
نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ وَ غَيْرِهِ قَالَ: لَمَّا قَامَ أَهْلُ الشَّامِ وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَ تَوَاقَفُوا وَ أَخَذُوا مَصَافَّهُمْ لِلْقِتَالِ قَالَ مُعَاوِيَةُ مَنْ هَؤُلَاءِ فِي الْمَيْسَرَةِ مَيْسَرَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالُوا رَبِيعَةُ فَلَمْ يَجِدْ فِي أَهْلِ الشَّامِ رَبِيعَةَ فَجَاءَ بِحِمْيَرٍ فَجَعَلَهُمْ بِإِزَاءِ رَبِيعَةَ عَلَى قُرْعَةٍ أَقْرَعَهَا مِنْ حِمْيَرٍ وَ عُكٍّ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ بِاسْتِكَ مِنْ سَهْمٍ لَمْ تَبْغِ الضِّرَابَ[1] كَأَنَّهُ أَنِفَ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَمِيرٌ بِإِزَاءِ رَبِيعَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْخِنْدَفَ الْحَنَفِيَ[2] فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَئِنْ عَايَنَهُ لَيَقْتُلَنَّهُ أَوْ لَيَمُوتَنَّ دُونَهُ فَجَاءَتْ حَمِيرٌ حَتَّى وَقَفَتْ بِإِزَاءِ رَبِيعَةَ وَ جَعَلَ السَّكُونَ وَ السَّكَاسِكَ بِإِزَاءِ كِنْدَةَ وَ عَلَيْهَا الْأَشْعَثُ وَ جَعَلَ بِإِزَاءِ هَمْدَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ الْأَزْدَ وَ بَجِيلَةَ وَ بِإِزَاءِ مَذْحِجٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عُكّاً فَقَالَ رَاجِزٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ:
وَيْلٌ لِأُمِّ مَذْحِجٍ مِنْ عُكٍ
وَ أُمُّهُمْ قَائِمَةٌ تَبْكِي
نَصُكُّهُمْ بِالسَّيْفِ أَيَّ صَكٍ
فَلَا رِجَالَ كَرِجَالِ عُكٍّ.
[1] ينعى على سهام القرعة التي لم تأت بما أتت به مريدة.
[2] ح( 1: 482):« جحدرا الحنفيّ».