فَقَالَ لَهُمَا: «إِنِّي لَا أَقُولُ ذَلِكَ» قَالا: فَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَنَحْنُ بُرَآءُ مِنْهُ ثُمَّ قَامَا فَانْصَرَفَا فَقَالَ ع «إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ ما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «لَا يَكُونُ هَؤُلَاءِ بِأَوْلَى فِي الْجِدِّ فِي ضَلَالَتِهِمْ مِنْكُمْ فِي حَقِّكُمْ وَ طَاعَةِ إِمَامِكُمْ»[1].
ثُمَّ مَكَثَ النَّاسُ حَتَّى دَنَا انْسِلَاخُ الْمُحَرَّمِ.
[التأهب للحرب]
نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّ حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ الطَّائِيَ[2] كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ طَيْئٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ
أَمَا بَيْنَ الْمَنَايَا غَيْرُ سَبْعٍ
بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ أَوْ ثَمَانٍ
أَمَا يُعْجِبْكَ أَنَّا قَدْ كَفَفْنَا
عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْمَوْتَ الْعِيَانِي[3]
أَ يَنْهَانَا كِتَابُ اللَّهِ عَنْهُمْ
وَ لَا يَنْهَاهُمُ السَّبْعُ الْمَثَانِي[4].
فَقُتِلَ بَعْدُ وَ كَانَ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا انْسَلَخَ الْمُحَرَّمُ وَ اسْتَقْبَلَ صَفَرُ وَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِينَ بَعَثَ عَلِيٌّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا مِنْ عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ حَيْثُ يُسْمِعُونَهُمُ الصَّوْتَ قَامَ مَرْثَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُشَمِيُّ فَنَادَى عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَا أَهْلَ الشَّامِ- إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ص يَقُولُونَ لَكُمْ: «إِنَّا وَ اللَّهِ مَا كَفَفْنَا عَنْكُمْ شَكّاً فِي أَمْرِكُمْ وَ لَا بُقْيَا عَلَيْكُمْ وَ إِنَّمَا كَفَفْنَا عَنْكُمْ لِخُرُوجِ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ انْسَلَخَ وَ إِنَّا
[1] الطبريّ فقط:« و طاعة ربكم».
[2] سبقت ترجمته في ص 64. و في الأصل:« بن سعيد» تحريف.
[3] العيانى: منسوب إلى العيان. و في الأصل:« العيان».
[4] السبع المثانى: السور الطوال من البقرة إلى التوبة، على أن تحسب التوبة و الأنفال.
سورة واحدة، و لذلك لم يفصل بينهما في المصحف بالبسملة.