بَدْرِيٌّ إِلَّا قَدْ بَايَعَنِي وَ هُوَ مَعِي أَ وَ قَدْ أَقَامَ وَ رَضِيَ فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ مُعَاوِيَةُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ دِينِكُمْ» فَتَرَاسَلُوا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ رَبِيعاً الْآخَرَ وَ جُمَادَيَيْنِ فَيَفْزَعُونَ الْفَزْعَةَ[1] فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَيَزْحُفُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ تَحْجُزُ الْقُرَّاءُ بَيْنَهُمْ فَفَزِعُوا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ خَمْساً وَ ثَمَانِينَ فَزْعَةً كُلَّ فَزْعَةٍ يَزْحُفُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ يَحْجُزُ الْقُرَّاءُ بَيْنَهُمْ وَ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ.
قَالَ وَ خَرَجَ أَبُو أَمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَدَخَلَا عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ كَانَا مَعَهُ فَقَالا: يَا مُعَاوِيَةُ عَلَامَ تُقَاتِلُ هَذَا الرَّجُلَ فَوَ اللَّهِ لَهُوَ أَقْدَمُ مِنْكَ سِلْماً[2] وَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ أَقْرَبُ مِنَ النَّبِيِّ ص فَعَلَامَ تُقَاتِلُهُ؟ فَقَالَ: أُقَاتِلْهُ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ وَ أَنَّهُ آوَى قَتَلَتَهُ فَقُولُوا لَهُ فَلْيُقِدْنَا مِنْ قَتَلَتِهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَانْطَلَقُوا إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ- فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ تَرَوْنَ» فَخَرَجَ عِشْرُونَ أَلْفاً أَوْ أَكْثَرُ مُسَرْبِلِينَ فِي الْحَدِيدِ لَا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ فَقَالُوا كُلُّنَا قَتَلَهُ فَإِنْ شَاءُوا فَلْيَرُومُوا ذَلِكَ مِنَّا فَرَجَعَ أَبُو أُمَامَةَ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَلَمْ يَشْهَدَا شَيْئاً مِنَ الْقِتَالِ حَتَّى إِذَا كَانَ رَجَبٌ وَ خَشِيَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُبَايِعَ الْقُرَّاءُ عَلِيّاً عَلَى الْقِتَالِ أَخَذَ فِي الْمَكْرِ وَ أَخَذَ يَحْتَالُ لِلْقُرَّاءِ لِكَيْمَا يُحْجِمُوا عَنْهُ[3] وَ يَكُفُّوا حَتَّى يَنْظُرُوا قَالَ: وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ فِي سَهْمٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِحِ فَإِنِّي أُخْبِرُكُمْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ يُرِيدُ أَنْ يُفَجِّرَ عَلَيْكُمُ الْفُرَاتَ فَيُغْرِقَكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ ثُمَّ رَمَى مُعَاوِيَةُ بِالسَّهْمِ فِي عَسْكَرِ عَلِيٍّ ع فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَرَأَهُ ثُمَّ أَقْرَأَهُ صَاحِبَهُ فَلَمَّا قَرَأَهُ وَ أَقْرَأَهُ النَّاسَ أَقْرَأَهُ مَنْ أَقْبَلَ وَ أَدْبَرَ قَالُوا: هَذَا أَخٌ نَاصِحٌ كَتَبَ إِلَيْكُمْ يُخْبِرُكُمْ بِمَا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ فَلَمْ يَزَلِ السَّهْمُ يُقْرَأُ وَ يُرْتَفَعُ
[1] في الأصل:« فيقرعون القرعة» و بنى سائر العبارة على ذلك، تحريف.
[2] السلم: الإسلام.
[3] في الأصل:« عليه».